متابعات الخبـــــر الســـــوداني
ظلت الشهادة السودانية منذ عامين الحديث الشاغل للسودانيين على المستوى الرسمي و الشعبي و الأسري رغم الحرب الدائرة بالبلاد و التشريد و التهجير الممنهج و المتعمد للأسر و التهديد المباشر من قبل مليشيا الدعم السريع و مناصريها من الداخل و الخارج بعدم السماح لأي امتحان ان يقوم و قد حاولوا من قبل عرقلة قيام امتحانات شهادتي الإبتدائي و المتوسطة بإرسال التحذيرات متعللين بالعوامل النفسية للطلاب النازحين و المناطق شبه الآمنة بسبب القصف اليومي . و ان قيامها هو استهداف لأبناء الهامش الذين تم تهجيرهم عمداً حتى يحرموا من فرص التعليم في الوقت الذي ( يدعمون ) فيه هم أنفسهم من يقوم بتهجير هؤلاء الطلاب ، بل يتعاونون معهم و يرشدونهم لدخول المدن و القرى الآمنة الوديعة و يعوثون معهم تخريباً و نهباً للمؤسسات بما فيها التعليمية . لكن بفضل الله و عزيمة أهل الشأن و الأسر و إصرار الطلاب قامت امتحانات شهادتي الإبتدائي و المتوسطة في توقيتها و أماكنها المحددة و كان نجاحها دافعاً قوياً و محفزاً لقيام الشهادة الثانوية التي تم تأجيلها لعامين كاملين لم تنقطع فيهما المشورة و التخطيط لقيامها ….
و بعد مشورة واسعة و عصفٍ ذهنيٍّ مضنٍ مع استصحاب كل المؤثرات و التحديات و التهديدات و المخاطر التي تلقي بظلالها علي قيامها عزمت وزارة التربية والتعليم الاتحادية و ولاة الأمور على المضي قدماً على التنفيذ عاقدين العزم بالتوكل على الله و آخذين بقوله ( و شاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) فألقى الله في قلوبهم السكينة وهداهم إلى قيامها في التاريخ المحدد في ٢٠٢٤/١٢/٢٨م . و من يومها جنّ جنون مليشيا الدعم السريع و المخذلين و المرجفين في المدينة فطفقوا ينفثون سمومهم ، و يبثون الشائعات ، و يطلقون التهديدات . و لم يتركوا مكراً يمكرونه ولا (مَكَرَهُ) من قبلهم من الأقوام و الملل إلا أذاعوه عبر الصحف و القنوات الفضائية لتعطيل الامتحانات بحججهم الواهية و أوهامهم البالية و أفكارهم المتحجرة . مرة بأن قيامها سيحرم بعض الطلاب من الجلوس مما يتسبب لهم في عوامل نفسية قد تؤدي إلى تركهم التعليم وهذه ( كلمة حق أريد بها باطل ) فسَّرتها تصريحاتهم المتعاقبة و بينت سوء نيتهم …
من هذه التصريحات ما قاله مستشار مليشيا الدعم السريع الباشا طبيق ( و للشخص شيء من أسمه ) على قناة الجزيرة بأن قيامها مؤشر لتقسيم السودان !! …
انظروا لقصر النظر و قلة الحيلة و تفاهة التفكير …
كيف لرجل يمني نفسه بحكم السودان و يقول أنه مجرد قيام امتحانات في أي جزء من البلد يؤدي إلى تقسيمها ! …
أليس هذا هو الجهل بعينه؟؟
و يقول أحد السفهاء الجهلاء من أتباعه في فيديو منتشر يحذر فيه الطلاب و أسرهم بعدم الأقدام على الامتحان في التاريخ المحدد ، و بأنهم ( مليشيا الدعم السريع ) لن يسمحوا بقيامها و أن (مسيَّراتهم و داناتهم) ستطول كل المدن التي تقام بها الإمتحانات معتبراً أن كل الجالسين للامتحان سيتم استنفارهم في صفوف الجيش لمحاربة مليشيتهم لذلك سيكونون هدفاً لمرماهم . بل ذهب لأبعد من ذلك بأن هؤلاء الممتحنون سيذهبون إلى الكلية الحربية ثم يتخرجوا ضباطاً خصيصاً لقتال المليشيا و سيقطعوا عليهم الطريق الى الكلية الحربية بحرمانهم من الامتحانات …
بربك أليست هذه البلاهة و التفاهة و الوضاعة ؟
حقاً و الله أنه زمن التفاهة و التافهين ، و الوضاعة و الوضيعين ….
إنه زمن تطاول رعاة الشاة على البنيان …
صدق رسول الله حين قال يأتي زمان ( تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) …
إنه زمانهم و الله ، هؤلاء أربابٌ ولدتهم إماء ..
أليس هم نفس الحفاة العراة رعاء الشاء جاؤوا يتطاولون على بنيان غيرهم لينتعلوا و يكتسوا و يطعموا منه ؟؟ .. فماذا ينتظر شعب السودان من هؤلاء أكثر مما فعلوه ، و أفظع و أتفه مما قالوه و سيقولونه كل يوم و ساعة و سانحة ؟ …
و ماذا ينتظر من داعميهم ( قوم تُبَّع ) غير النعيق بما يقوله سادتهم من رعاء الشاة …
أليس الطبع يغلب التطبع ؟ … ما من كلب نبح إلا و نبحت معه الكلاب و الجراء ، و ما من شاة ثغت إلا ثغى معها القطيع إناثه وحملانه حتى فحوله . و قس على ذلك سائر الحيوانات إنه ( الطبع ) الذي يغلب التطبع و ما نحن بمغيِّريه ….
أقول للشعب السوداني دعوهم إنهم قوم مبتورون و موتورون و مهووسون و مجرمون و يد الله فوق أيديهم …
اقول لأخوتي في وزارة التربية و التعليم و القائمين على الأمر أن استهداف امتحانات الشهادة هو استهداف للأمن القومي و هوية المواطن السوداني و تجيهيله و تدجينه ليسهل اصطياده و الرمي به خارج خارطة الحياة في السودان و التاريخ . لذلك أول ما استهدفت رياح التغيير المشؤومة منذ العام ٢٠١٩م المنظومتين ( النظامية و التعليمية )… على صعيد المنظومة الأمنية طالبوا بحلها بما فيها الجيش و إعادة هيكلتها بتوجيهات خارجية إقليمية و دولية معلومة بناء على دراسات بأن الجيش السوداني يعد لامتلاك قوة عسكرية ستكون خطراً و مهدداً للمنطقة و الأمن القومي الامريكي و الاسرائيلي فسارعت اسرائيل بإرسال وفد أمني رفيع المستوى بعد سقوط حكومة الإنقاذ لمعاينة مقر التصنيع الحربي في السودان و الاطلاع على أسرار المنظومة الأمنية و النظم المالية ، و حصلت على أدق المعلومات و تزودت بالملفات من مكتب رئيس الوزاء عبد الله حمدوك …..
على صعيد المنظومة التعليمية ليست لأنها ضعيفة فحسب ، بل لأن الشهادة السودانية هي الشهادة الوحيدة التي حافظت على قوتها في المنطقة العربية ، و رغم دمغها بالضعف من بعضنا فإنها ظلت ترفد الجامعات بطلاب برزوا في مجالات علمية لفتت أنظار كثير من الدول و تم استقطاب كثير من أساتذة الجامعات و الأطباء و المهندسين في دول الخليج و حتى الدول الغربية . لذلك لا يخفى على عاقل بأن الهدف من تغيير المناهج في السودان هو إضعاف المنظومة التعليمية . و الهدف من المناداة بعدم قيام الشهادة السودانية هو تفريغها من محتواها ليتم تصنيفها أضعف شهادة و لا يعترف بها عالمياً و يفسح المجال للتدخل الأممي لإصلاح التعليم في السودان و يتم تفصيل المنهج على المزاج الذي يحقق المصالح الخارجية الداعمة للتغيير في السودان . و بالفعل بدا هذا المخطط بشروع مدير عام المركز القومي للمناهج و البحث العلمي ( الجمهوري ) عمر القراي الذي أتت به رياح التغيير في تعديل و تغيير المناهج بما يتوافق مع الهوى الجمهوري و اليساري في زمن وجيز متزامناً مع تصريحات وزير التربية و التعليم ( اليساري) بروفسور محمد الأمين التوم بأن السودان منذ العام (١٩٨٩م) لم يشهد تعليماً و أن نتائج الامتحانات منذ ذلك الوقت لم تكن صيحيحة مما حدا بمدير عام الامتحانات مختار محمد و هو ليس بعيداً من اليسار ( كما علمت ) رغم أني لم ألتمس فيه ذلك طيلة سنين معرفتي به في وزارة التربية والتعليم و ما رأيت منه إلا الصدق و الإخلاص في العمل لم يشغله عن ذلك انتماء طائفي أو حزبي ، و نائبه اسماعيل شكاك من التنحي عن إدارة الامتحانات احتجاجاً على تصريحات الوزير ….
أقول لكم اخوتي امضوا فإن الله معكم . فو الله ما تخطون خطوة أو تخطون حرفاً ، و ما دخلتم مدرسة أو فصلاً و قطعتم وادياً إلا كتب الله لكم به أجر …
انظروا إلى تجارب أمم من قبلكم أصابها أشد مما أصابكم من البلاء و الإبتلاء فصمدوا أمامه يحدوهم الصبر و التوكل فما لانت لهم قناة و لا انكسر منهم عود وكان النصر حليفهم ….
الفلسطينيون في غزة يحاربون قرابة القرن من الزمان و قد دمرت مساكنهم و مؤسساتهم و مدارسهم و هجروا و شردوا من ديارهم و أغلقت أمامهم الحدود فضاقت بهم الأرض ، و جمع لهم القوم ، و تكالبت عليهم الأمم كما تتكالب الأكلة على القصعة . فلم يزيدهم إلا ايمانًا فقالوا حسبنا الله و نعم الوكيل و لم يقنطوا من رحمة الله ، و لم ييأسوا من نصر الله ، و لم يزهدوا في الحياة ، وما زالوا يعملون و يرزعون و يحرثون و يتعلمون و يتخرجون و يصنعون و يبتكرون و يتزوجون و ينجبون ( ما كان للمؤمنين لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) . و ما هانو و لا وهنوا ، و زُلزلوا حتى قالوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب …
هذه واحدة من عشرات التجارب على مر التاريخ فلا يجرمنكم شنئان قوم أن تلينوا (فتُعصَروا) أو تهونوا (فتُكسَروا) …
فإذا كانت هذه المليشيا و اتباعها يستقوون بجيوشهم و حلفائهم فجيوش الله أقوى من جيوشهم ، و حلف الله أقوى من حلفهم ( و لينصرن الله من ينصره ) . و اذا كانوا يعولون على مدى مسيراتهم فمدى الله أبعد من مداهم ( و ما رميت اذ رميت لكن الله رمى ) ….
قولوا حسبنا الله و نعم الوكيل و ما التوفيق و النصر إلا من عند الله ، و ما العزة إلا بالله ….
حسبنا الله و نعم الوكيل و عليه توكلنا …
اللهم عونك و توفيقك و نصرك …
اللهم يسر لأبنائنا و بناتنا الممتحنين و ألق في قلوبهم السكينة و الطمأنينه و مكنهم من أسباب النجاح إنك على ذلك قدير و بالإجابة جدير ….
أقول لأبنائي و بناتي الممتحنين قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل و امضوا فلا تخافوا و لا تحزنوا و لا تيأسوا و ابشروا ببيعكم الذي بايعتم به و سيكون حصادكم علماً ينتفع به …
اللهم أجب دعوانا و أمهات و إباء و أسر الممتحنين و أجبر كسرهم و أمّن روعهم و أنزل عليهم السكينة و لا تتركهم لغيرك و انصر جيشنا في كل المحاور و الثغور و عززه بقوتك ياقوي يا عزيز ….
آمين آمين آمين ..
و ما التوفيق إلا من عند الله ..
الأستاذ / الغالي الزين حمدون …
٢٠٢٤/١٢/١٤م