حديث المدينة | عثمان ميرغني
الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك اوباما، فوزه في الانتخابات كان اشارة لمتغير مهم في العالم، يبرز دلالات تطور السيولوجي السياسي عالميا.. وانتهز أوباما الفرصة فابتدر جولة شرق أوسطية -مقصودة – اختار أن تكون من القاهرة.. برمزيتها التاريخية والسياسية والدولية.. وفي القاهرة اختار منبر جامعة القاهرة، منصة الوعي والعلم. ومنها بعث برسائله لكل العالم.
الرئيس “45” ثم “47” دونالد ترمب الذي ينطلق من منصة سياسية وفكرية مختلفة تماما.. اختار ان يبدأ فترته الأولى ثم الثانية من الشرق الأوسط أيضا.. في الأولى زار الرياض ثم اسرائيل.. وفي الثانية جاء أيضا بدأ من الرياض.. ثم طاف جولة خليجية ليؤكد دلالات اقتصادية وأخرى تتعلق ببناء استقرار سياسي في الاقليم المضطرب منذ أكثر من قرن.
طرحتُ سؤالا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. هل يحلم السودانيون أن يكونوا في برنامج زيارة الرئيس الأمريكي ال48 بعد ترمب؟
بالطبع السؤال ليس مباشرا بالفهم الذي قد تبادر لأذهان البعض.. فالمقصود هل يمكن للسودان أن يخرج من القاع الذي انحدر إليه ليكون دولة واجهة اقليمية تستحق أن يخطب العالم شراكاتها؟ كما يفعل الآن مع الخليج..
العلاقة بين أمريكا والسعودية مثلا.. لا تعتمد على المؤشرات السياسية والاقتصادية وحدها.. بل الثقل الذي تمثله السعودية في الحل والعقد والحركة والسكون على مستوى العالم.. وهذا وضع لا يرتبط بالثراء وحده.. بل بقوة الدولة في الخارطة الجيوسياسية.. وبالتأكيد نجحت السعودية في التخطيط لمستقبل لا يكتفي بالرفاهية الاقتصادية وحدها بل يتجاوزها إلى فخامة المقعد في قطار الحضارة الانسانية.
السودان دولة لها موارد هائلة، وموقع جيواستراتيجي متقدم، وقوة بشرية متعلمة و مستنيرة قابلة لادارة موارد الدولة و مظان القوة فيها.. لكنه بكل أسف غارق في شبر ماء الفشل السياسي المزمن الوخيم.. الذي وصل الدرك الأسفل بالحـ؛رب القاسية التي يغوص في مستنقعها اليوم.
الذي أنكب السودان طوال 70 سنة منذ الاستقلال غياب الرؤية.. بل الفشل في فهم معنى الرؤية .. والتي تستلزم أن يكون للشعب السوداني هدف وغاية يسعى لتحقيقها بمختلف السبل..
الهدف هو “رفاهية الانسان”.. وتحته تتعدد الطرق والسبل التي يمكن ان تختلف في التفاصيل وتلتقي في الغاية.
الانتصار في حرب 15 أبريل .. ليس هدفا ولا غاية.. بل هو وسيلة للتقدم نحو الغاية.
بناء الدولة الحديثة ليس غاية.. بل وسيلة.. لها ألف طريقة..
إذا استطاع السودانيون أن يتحدوا في الغاية.. وهي أمر يصعب الاختلاف حوله.. طالما هي رفاهية الانسان.. فمن الممكن احتمال الاختلاف حول السبل المؤدية لذلك.. لكن في الواقع الراهن.. لا أحد يحفل بالبحث عن الغاية.. التي لا يختلف عليها أحد.
وتغرق البلاد في خلافات هامشية في التفاصيل..
70سنة ولا تزال بلادنا تكابد حالة الفشل في تحديد الغاية القومية الأعلى..