كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
في زمن الآن كسارات الإسلامية و العربية، حين انطفأت بوصلة الحق، وارتبكت مفاهيم العدو والصديق، ولبست الأقنعة وجوهاً كانت يوماً تصرخ للقدس… نعلنها عالية، صارخة، مدوية: لن نكون إعلاماً خانعاً يصفق لصواريخ الكيان الصهيوني وهي تخترق سماء طهران!
نختلف مع إيران؟ نعم!
نرفض مشروعها الطائفي؟ قطعاً!
ندين سعيها الخفي والجلي لاختطاف الوعي السنّي؟ دون تردد!
لكن… لن نبيع مبادئنا في سوق النفاق الدولي، ولن نغني في جوقة التطبيع الإعلامي التي تصف القاتل بالمخلّص، والمحتل بالبطل، والمغتصب بالحامي!
إننا لسنا معركيين في حروب طهران، ولسنا دعاة فتنة مذهبية نغذيها بدمائنا، لكننا نعي جيداً أن هناك عدواً لا يتغير، عدواً لا يتبدل…
الكيان الصهيوني المغتصب، الغاصب، القاتل، الذي لم يوفّر شبراً من بلاد الإسلام و أرض العرب إلا وترك فيه جرحاً، ولم يطلق رصاصة إلا وفيها روح شهيد.
أيُّ منطقٍ هذا الذي يجعلنا نصفّق لهجمات الاحتلال على دولة ذات سيادة، أيا كانت مواقفها؟
أيُّ عقلٍ يصدق أن من دمّر غزة، وخنق جنين، ومسح حيفا ويافا عن ذاكرة العرب، صار فجأة يدافع عن أمن المنطقة؟
واهم من يظن أن تل أبيب تحارب إيران حباً في الخليج أو غيرة على العروبة… بل طمعاً في السيادة وتفتيتاً لكل من يرفض الانبطاح!
لن نركع.. ولن نُستدرج!
ما تريده واشنطن هو أن نتحول إلى قطعان إعلامية تردد صدى البيانات الإسرائيلية، ونغسل أدمغة الجماهير بكلمات “الردع” و”الحسم” و”حق الدفاع عن النفس”!
لكننا نعرف المعادلة: كل صاروخ يسقط على طهران اليوم، سيسقط غداً على الخرطوم، وبعد غد على دمشق ، ثم الرياض، ثم القاهرة…
لأن العدو لا يفرّق بين سنيّ وشيعي، بين ليبرالي وإسلامي، بين قومجيّ ووطني… هو فقط يريدك ذليلاً، خاضعًا، تابعاً!
نحن مع الحق.. ولو كان على عدوٍّ نختلف معه
نقف ضد المشروع الفارسي حين يريد سلخ أهل السنة، ونقاوم المدّ الشيعي حين يتسلل إلى عقول شبابنا…
لكننا أشد وقوفاً ضد المشروع الصهيوني، لأنه لا يريد فقط تغيير المذهب… بل يريد تغيير الوجود.
يريد أن نعتاد على اسمه في سمائنا، أن نقبّله وهو يقصف جيرتنا، أن نحييه وهو يرقص على أنقاض عواصمنا.
يريد أن نكون إعلاماً يلمّع وجهه البشع، ويبرّر دمويته باسم “التحالف ضد الإرهاب” أو “التوازن الإقليمي” أو غيرها من الأكاذيب المصقولة بعناوين الغرب.
لا وألف لا!
لن نكون حطباً في معركة لا نعرف نارها لمن ستلتهم غداً، ولن نكون مراسلين في قناة تل أبيب الناطقة بالعربية.
سندين العدوان الصهيوني بكل قوة، ونفضح تواطؤ الإعلام العربي الذي يصمت على دماء أطفال غزة ويصرخ فقط حين يهتز نظامٌ يزعجه!
وسنقولها للتاريخ: رفضنا الخضوع، ورفضنا أن نكون شهود زور في محكمة الشيطان.
ختاماً…هذه المعركة، وإن كانت بين خصوم، إلا أن لها وجهاً خفياً: إسرائيل تريد أن تُفرض على المنطقة كالإله المُطاع، لا يُسأل عن جرائمه، ولا يُراجع في طغيانه.
لكننا نرفض.
نرفض أن نكون جنوداً في جيشه الإعلامي.
نرفض أن نصير عرباً بلا قضية، ومسلمين بلا بوصلة.
نرفض أن نصبح مروّجين لصهيونية تحاول التسلل من بين خلافاتنا، وتغرز خنجرها في خاصرتنا ونحن مشغولون بخصامنا.
سنقف…
نعم، سنقف كالأشجار التي تموت واقفة، لا تنحني لريح التطبيع، ولا تساوم على شرف الحرف والكلمة.
هذه ليست معركة إيران وحدها، بل معركة الكرامة الإعلامية العربية.
ومن سقط فيها، فليس إلا بائعاً لضميره في سوق العار!