متابعات الخبــــر الســــــوداني
غرب كردفان – بابنوسة | 21 يونيو 2025
في تطور ميداني لافت، صعّدت مليشيا الجنجويد من عملياتها العسكرية في إقليم كردفان، موجهة تركيزها نحو مدينة بابنوسة، رغم توقعات سابقة بأن تكون الأبيض أو الفاشر هما الهدف القادم. ويتضح من التحركات والتكتيكات الأخيرة أن اختيار بابنوسة لم يكن عبثياً، بل كان جزءاً من مخطط أوسع يستهدف استنزاف الفرقة 22 مشاة.
انتشار وتوزيع القوات المهاجمة
عقب هجمات 29 مايو الماضي، وتراجع القوات المسلحة السودانية من مناطق الخوي، الدبيبات، والحمادي، أعادت المليشيا توزيع قواتها في محاور كردفان على النحو التالي:
• أبقت قواتها القادمة من دارفور بقيادة السافنا والقبة متمركزة في النهود والخوي.
• تمركزت قوات فولجنق، ماكن، وبرشم في الدبيبات والحمادي.
• أما القوات الهاربة من الخرطوم، فقد انتشرت في جبرة الشيخ، بارا، أم قرفة، مع تحركات بين سودري، أم بادر، وحمرة الشيخ، بقيادة الناعم، تبارك الله، وإستيفن بوي.
لماذا بابنوسة تحديدًا؟
رغم التهديدات المتكررة للأبيض، إلا أن المليشيا فضّلت مهاجمة بابنوسة، لأسباب متعددة:
1. سهولة جغرافية نسبية مقارنةً بالأبيض أو الفاشر.
2. صغر حجم المدينة وبنيتها الدفاعية المحدودة نسبيًا.
3. ضعف الغطاء السكاني والعسكري مقارنة بالمدن الكبرى.
4. إمكانية تطويق الفرقة 22 ومحاولة عزلها داخل المدينة.
5. سهولة الحشد والتجنيد المحلي من مناطق غرب كردفان المجاورة.
وقد حشدت المليشيا حول بابنوسة قوة ضخمة بقيادة صالح الفوتي، ضمت عناصر من مجموعة التاج التجاني المتمركزة سابقًا في الفولة، المجلد، والميرم، إضافةً إلى مرتزقة تم تجميعهم في أبيي والدبب.
التحضيرات للهجوم ومحاولة “الضربة القاضية”
خلال الأسبوعين الماضيين، خططت المليشيا لهجوم وصفته بـ”الضربة القاضية”، بعد أن عززت قواتها المحيطة بالمدينة بقوات إضافية من نيالا، الضعين، ومحور الدبيبات بقيادة ماكن الصادق. كما وفرت غطاءً جويًا من الطائرات المسيّرة التي نفذت ضربات شبه يومية، أسفرت عن خسائر بين المدنيين في الأحياء المحيطة بـالإشلاق.
الهجوم ومحاولات التسلل
نفذت المليشيا صباح اليوم هجومًا على بابنوسة من ثلاثة محاور، في محاولتين متتاليتين، وصلت إحداهما حتى مبنى اللواء 89. لكن الفرقة 22 مشاة تمكنت من صد الهجوم، ملحقة بالمليشيا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، أجبرتها على التراجع والفرار إلى محيط المدينة.
وسبق هذا الهجوم، عمليات تسلل متكررة قامت بها المليشيا داخل أحياء بابنوسة، مستخدمة مركبات ودراجات نارية، لكن القوات المسلحة تصدت لها في كل مرة، مكبدة إياها خسائر جسيمة.
أهداف استراتيجية وأبعاد الحرب النفسية
تشير التحليلات إلى أن الهدف الاستراتيجي للمليشيا من استهداف بابنوسة هو زيادة العبء على القوات المسلحة بكردفان، والسعي لإسقاط الفرقة 22 بهدف السيطرة الرمزية والمعنوية على المنطقة. وتدرك المليشيا أن السيطرة على بابنوسة تعني الاقتراب من الأبيض، ما يشكل تهديداً خطيراً لقلب كردفان، ويفتح جبهة جديدة تقلب موازين المعركة.
غير أن الواقع الميداني أكد أن بابنوسة لن تسقط بسهولة، بعد أن وجهت القوات المسلحة رسائل قوية للجنجويد، تُرجمت إلى قوائم طويلة من القتلى والجرحى في صفوف المهاجمين، تم توثيقها بالصور والفيديوهات.
الختام: معركة مستمرة
المراقبون يرون أن بابنوسة ستكون عنوانًا لمعركة استنزاف طويلة، خاصة في ظل سعي المليشيا لتكرار الهجمات، اعتمادًا على دعم جوي وتجميع مرتزقة من المناطق المجاورة. ويُرجّح أن تواصل القوات المسلحة الدفاع المستميت، مع ضرورة تنفيذ عمليات إسناد بري واسع النطاق لتحرير المدينة وتوجيه المعركة نحو الغرب.