الخبر السوداني

عثمان ميرغني..يكتب✍️..حكومة الزمن الضائع

متابعات / الخبــــر الســــــوداني

في نيروبي، تم تأجيل توقيع ميثاق الحكومة الموازية إلى يوم غد، وهي الحكومة التي تشكلها مجموعة سياسية متحالفة مع التمرد. كانت الفكرة من هذه الحكومة عندما ظهرت قبل عدة أشهر هي الاستفادة من رمزية العاصمة الخرطوم والقصر الجمهوري الرئاسي، لتبدو كأنها حكومة شرعية في العاصمة وفي المقر السيادي التاريخي، بينما الحكومة الحقيقية في أقصى شمال شرق السودان في مدينة بورتسودان.

لكن الوضع الآن اختلف كثيرًا.
بفضل الله، تمكن الجيش من استعادة معظم أراضي ولاية الخرطوم، وهو الآن يقترب من القصر الجمهوري على بعد أمتار قليلة. ومن المتوقع في أي لحظة أن يرتفع علم السودان مجددًا فوق سارية القصر الجمهوري، تمامًا كما حدث في صبيحة الأول من يناير عام 1956.

استعادة القصر الجمهوري تعني عمليًا عودة الحكومة من بورتسودان إلى مقرها الطبيعي، وهنا لن يكون أمام الحكومة الموازية سوى البحث عن مدينة أخرى تقبل بهم على مضض تحت وطأة السلاح.

هذه الخطوة خطيرة للغاية. مهما تدثرت بالبيانات السياسية التي تؤكد على وحدة التراب السوداني، فهي خطوة في الاتجاه المعاكس. إنه سيناريو تقسيم للبلاد بلا شك، وبكل يقين لو تساهلنا تجاه هذه الخطوة، فلن تكون الأولى ولا الأخيرة. سيبدأ مسلسل الانشطارات ولن يتوقف إلا بعد أن يصبح السودان دويلات صغيرة متحاربة تكره بعضها بعضًا.

و بكل أسف، بعض الرياح تدفع في أشرعة هذه السيناريوهات الخطرة. غياب الحكومة المركزية أو تغييبها عن عمد يساعد في العبث بشرعية المؤسسات السيادية الراهنة.

لنكن صرحاء ونتحدث بشجاعة: إن انقلاب 25 أكتوبر 2021 أطاح بحكومة شرعية مدنية دون أن يتقدم خطوة إلى الأمام أو يجلب معه البديل المناسب الذي يمنع الخارج من النظر إلى عوراتنا السياسية.

لسد الثغرات التي تسهل سيناريوهات العبث بوحدة الوطن، من الحكمة استكمال جميع هياكل الدولة، بل والاجتهاد في استعادة عضوية السودان في كل المحافل التي جمدتنا فيها، وتلك التي جمدنا أنفسنا فيها بمحض إرادتنا.

يجب أن ننخرط مع المجتمع الدولي في علاقات مباشرة وشراكات منتجة، مبنية على سياسة خارجية واضحة للشعب السوداني أولًا، ثم للمجتمع الخارجي ثانيًا.

تأخير إعلان الحكومة التنفيذية في السودان هو بمثابة دعوة لمن يرغب في التدخل في الشأن السوداني، وتبني أجندة أجنبية تستهدف ترسيم وطن جديد في جغرافية السودان. بل قد يكون هذا تمهيدًا لتهجير الفلسطينيين.

من الواضح أن رئيس مجلس السيادة البرهان لا يرغب في تكوين حكومة حاليًا، ويلتف على ذلك بسيناريوهات اللقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة.

هذه القوى السياسية عاجزة عن إنتاج الحلول، ومتلهفة لتكبير حصصها من ما هو متاح أمامها من خيارات، دون اعتبار لاختيار الشعب.
حديث المدينة الاثنين 17 فبراير 2025

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.