كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
تتجه الأنظار مجدداً نحو منطقة أبيي الحدودية بين السودان وجنوب السودان، بعد وصولنا تسريبات تفيد بأن الشيخ شخبوط بن نهيان، وزير الدولة في الإمارات، طلب خلال لقائه برئيس أوغندا أمس الأول ضرورة إرسال قوات إضافية إلى جنوب السودان، وتحديداً في منطقة أبيي. ووفقاً لهذه المعلومات، فإن الهدف من هذا التحرك هو حماية شرعية رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت حسبما تزعم أبوظبي.
غير أن هذا التحرك، “إذا ثبتت صحته” ، يثير العديد من التساؤلات حول دوافعه الحقيقية. فهل يعكس جهل شخبوط بالقانون الدولي وتعقيدات الملف الحدودي في أبيي؟ أم هو تجاوز صريح للحدود في محاولة للإضرار بالسودان، بعد هزيمة مليشيا الجنجويد التي حظيت بدعمه في الحرب الأخيرة؟
التدخل الإماراتي في ملف أبيي يعكس إصراراً على التلاعب بالتوازنات الإقليمية، في وقت يحتاج فيه السودان إلى تهدئة الأوضاع واستعادة سيادته على أراضيه. وأي محاولات لفرض واقع عسكري جديد على المنطقة لا يمكن تفسيرها سوى بأنها امتداد لحرب الوكالة التي خاضتها الإمارات في السودان عبر دعم مليشيا الجنجويد، والتي انتهت بهزيمة مدوية على الأرض.
القانون الدولي واضح في مسألة أبيي، إذ تخضع المنطقة لترتيبات أمنية خاصة بموجب اتفاقات دولية وبرعاية الأمم المتحدة عبر بعثة “يونيسفا”. وبالتالي، فإن أي محاولة لإدخال قوات جديدة خارج هذا الإطار يُعتبر انتهاكًا للسيادة السودانية وتجاوزًا غير مقبول.
التوقيت الذي اختاره شخبوط لإثارة هذا الملف يطرح تساؤلات جدية حول نواياه الحقيقية. فهل يسعى لتصفية حسابات بعد الفشل في دعم مليشيا الجنجويد؟ أم أنه محاولة لاستغلال انشغال السودان بصراعاته الداخلية لفرض وقائع جديدة في أبيي؟
الأمر الذي يدعو للقلق هو الصمت الإقليمي، خاصة من الاتحاد الإفريقي، تجاه هذه التحركات الإماراتية . فهل سيمر هذا التدخل دون أي رد فعل يُذكر، أم أن الاتحاد الإفريقي سيضع حداً لمثل هذه المحاولات التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة؟
من غير المتوقع أن تقف الخرطوم مكتوفة الأيدي “إذا ما ثبتت صحة هذه المعلومات” . فالسودان الذي نجح في صد العدوان على أرضه عبر مليشيا الجنجويد لن يقبل بأي محاولات لزعزعة استقراره الحدودي.
أما الاتحاد الإفريقي، فيواجه اختباراً حقيقياً أمام هذه المعطيات. فإما أن يتحمل مسؤولياته في حماية سيادة الدول الأعضاء ومنع التدخلات الخارجية، أو أن يسقط في فخ التواطؤ والصمت المريب.
يظل السؤال الأهم: كيف سيتعامل المجتمع الدولي مع محاولات شخبوط لإعادة خلط الأوراق في منطقة أبيي؟ فالسكوت على تجاوزات بهذا الحجم يعني فتح الباب أمام صراعات جديدة في منطقة القرن الإفريقي، وهو ما قد يجر المنطقة إلى أزمة إقليمية واسعة.
إن ملف أبيي ليس مجرد نزاع حدودي بين دولتين، بل هو ساحة لصراع إقليمي يتجاوز المصالح الوطنية إلى تصفية الحسابات السياسية. وتحركات شخبوط، سواء كانت عن جهل بالقوانين الدولية أو تجاوزاً متعمداً، تمثل تهديداً خطيراً لاستقرار المنطقة.
فهل سيتخذ الاتحاد الإفريقي موقفاً حاسماً هذه المرة لوقف التدخلات الإماراتية؟ أم أن السودان سيضطر إلى مواجهة هذا التحدي بمفرده كما فعل في معاركه السابقة ضد مليشيا الجنجويد؟
الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.