الخبر السوداني

السودان وتركيا والسعودية – تحولات استراتيجية في لحظة فارقة

كتب / مكاوي الملك

‏تتسارع الأحداث في السودان، ومعها تتسع دائرة التحركات الدبلوماسية التي يقودها رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في زيارات مرتقبة إلى السعودية وتركيا، ضمن جهود تهدف إلى ترتيب المرحلة المقبلة وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في ظل التطورات العسكرية والسياسية. هذه التحركات ليست مجرد لقاءات بروتوكولية، بل تأتي في سياق تحولات عميقة في المشهد الإقليمي، خاصة مع تراجع النفوذ الإماراتي وفشل رهاناته على المليشيا. فما هي أبعاد هذه التحركات؟ وكيف ستؤثر على موازين القوى في المنطقة؟

‏أولًا: السعودية.. جهود دبلوماسية وإعادة إعمار
‏ • تعمل الرياض على تفعيل دورها في حل الأزمة السودانية عبر تنسيق مكثف مع دول الجوار، بما في ذلك إثيوبيا، جنوب السودان، وتشاد، لضمان استقرار المنطقة
‏ • طرحت المملكة خطة شاملة لإعادة إعمار السودان، تشمل توفير الخدمات الأساسية المتضررة بسبب الحرب، وأرسلت وفدًا رسميًا إلى بورتسودان بقيادة السفير علي بن حسن جعفر، لدراسة الاحتياجات العاجلة وتقديم الدعم اللازم
‏ • هذه التحركات تؤكد أن السعودية تسعى إلى أن تكون لاعبًا رئيسيًا في مستقبل السودان، بعيدًا عن أي أجندات تخريبية

‏ثانيًا: تركيا.. تحالف استراتيجي يعيد التوازنات
‏ • كشفت مصادر مطلعة أن البرهان سيزور تركيا في 12 أبريل المقبل، حيث سيجري مباحثات مكثفة مع القيادة التركية حول تطورات الأوضاع في السودان وتعزيز التعاون العسكري والاقتصادي
‏ • منذ اندلاع الحرب، اتخذت أنقرة موقفًا واضحًا بدعم وحدة السودان ورفض أي تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة، مؤيدةً الجيش السوداني في مواجهة المليشيا الإرهابية
‏ • رغم التقارب الاقتصادي بين تركيا والإمارات، فإن أنقرة فصلت بين مصالحها الاقتصادية ومواقفها السياسية، ورفضت أن تكون جسرًا لإعادة تموضع النفوذ الإماراتي في السودان
‏ • تركيا تدرك أن السودان يمثل شريكًا استراتيجيًا في مشاريع لوجستية مستقبلية، مثل توسعة “طريق التنمية”، الذي يعزز دور السودان كمحور رئيسي في الربط الإقليمي بين إفريقيا وآسيا وأوروبا

‏ثالثًا: الإمارات.. محاولات فاشلة لإعادة التموضع
‏ • مع تراجع نفوذها العسكري في السودان وفشل مشروعها لدعم المليشيا، تحاول أبوظبي إعادة التموضع عبر قنوات دبلوماسية جديدة، بما في ذلك التواصل مع تركيا لضمان مصالحها
‏ • سعت الإمارات إلى تقديم نفسها كوسيط عبر أنقرة، لكنها لم تحقق تقدمًا يُذكر، خاصة أن تركيا تدرك حقيقتها في زعزعة استقرار السودان
‏ • الفشل الإماراتي في السودان قد يدفعها إلى مزيد من المناورات الدبلوماسية، لكن موازين القوى على الأرض لم تعد في صالحها

‏رابعًا: لماذا جاءت هذه الزيارات في هذا التوقيت؟
‏ • السودان ينتصر ويتقدم ويقترب من تحرير كل محاور الوسط ومناطق استراتيجية أخرى، مما يجعل التنسيق مع الحلفاء أمرًا ضروريًا لتعزيز الاستقرار
‏ • أنقرة تسعى إلى تطوير شراكتها مع السودان في التصنيع العسكري والبنية التحتية، بعيدًا عن أي محاولات إماراتية لفرض وساطتها
‏ • هذه الزيارات تعكس أن السودان لم يعد ورقة للمساومات، بل بات فاعلًا في تحديد موازين القوى

المزيد من المشاركات

‏خامسًا: السيناريوهات المتوقعة

‏(أ) تعزيز التعاون العسكري: استمرار الدعم التركي للجيش السوداني في مجالات التدريب والتصنيع العسكري.
‏(ب) شراكة اقتصادية أوسع: توقيع اتفاقيات جديدة في مجالات البنية التحتية والزراعة والموانئ، بعيدًا عن التأثير الإماراتي
‏(ج) تحجيم الدور الإماراتي: تركيا قد تلعب دورًا في الحد من النفوذ الإماراتي عبر تقديم بدائل أكثر موثوقية
‏(د) إعادة رسم التوازنات الإقليمية: إذا استمر الدعم التركي للسودان، فقد نشهد تحولًا استراتيجيًا يعيد ترتيب مراكز القوى في المنطقة

‏🔴 الخلاصة: السودان يحدد تحالفاته بعيدًا عن الأجندات المشبوهة

‏زيارات البرهان إلى السعودية وتركيا ليست مجرد جولات دبلوماسية، بل محطات محورية في إعادة رسم مستقبل السودان، مع تعزيز التحالفات الحقيقية التي وقفت معه منذ البداية. في المقابل، التراجع الإماراتي في السودان بات حقيقة لا يمكن إنكارها، رغم محاولاتها المستمرة لإعادة التموضع عبر قنوات أخرى

‏السودان اليوم يحدد تحالفاته بناءً على مصلحته الوطنية، وليس وفق إملاءات خارجية. ومعركة الكرامة مستمرة ليس فقط على الأرض، بل أيضًا في الميدان السياسي والاستراتيجي. فهل تكون هذه التحركات بدايةً لترسيخ واقع جديد في المنطقة؟

‏✍️ مكاوي الملك

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.