الخبر السوداني

الضربة على الحقيقة لا على إيران..ردًا على عثمان ميرغني في ضربة إيران

كتب / أحمد علي عبدالقادر

متابعات الخبــــر الســــــوداني

المزيد من المشاركات

ما كتبه الاستاذ عثمان ميرغني عن الضربة الإسرائيلية لإيران، وعن “الإسلام السياسي”، لا يعدو كونه قراءة مشوهة للواقع، مجتزأة من سياقها، تُلبِس الظلم لبوس العدالة، وتُقلب فيها الضحية إلى جلاد، وكأن دماء أطفال غزة، وركام صنعاء، وخراب بغداد، لا علاقة له بآلة الصهيونية والهيمنة الغربية التي يحاول أن يغسلها تحت عنوان “النموذج الخليجي الثري”.
إيران لم تُضرب لأنها فاشلة، بل ضُربت لأنها تؤلم العدو. الضربة لم تكن إلا اعترافًا إسرائيليًا بأن هناك من لا يزال يرفع رأسه في وجه المشروع الصهيوني المتوحش. ما قامت به إسرائيل فجر الجمعة لم يكن “نزهة عسكرية” كما صوّره عثمان، بل مغامرة محسوبة تهدف لردع من يقف في وجه تمددها في المنطقة.
الذين يهللون لأي صفعة على وجه محور المقاومة، يتناسون أن البديل عن هذا المحور هو الاستسلام الكامل، واللحاق بركب التطبيع، وتمكين العدو من الهيمنة بلا مقاومة ولا كلفة.
أما عن السودان.. فلا مكان للمواعظ الباردة في وطن يحترق.
أستاذ عثمان يتحدث عن “الإسلام السياسي” وكأن المأساة السودانية بدأت مع التيارات الإسلامية، ويتجاهل أن أول انقلاب عسكري في السودان لم يكن إسلاميًا، وأن أول ديكتاتور لم يكن ملتحيًا، وأن أول فساد منظم لم ينشأ على أيدي الإسلاميين، بل في حضن الدولة العميقة التي ورثت المستعمر.
نعم، الإسلاميون أخطأوا، مثل غيرهم، لكنهم ليسوا وحدهم في الميدان السياسي، وهم لم يأتوا من المريخ. بل جاءت بهم صناديق الانتخابات أحيانًا، وجاءت بهم الانقلابات أحيانًا أخرى، مثل غيرهم من التيارات.
لكن الفارق أن الإسلاميين لم يتنكروا لهوية هذا الشعب. لم يطالبوا بفصل الدين عن الدولة كما تفعل النخب المنبتّة، لم يعتذروا عن انتمائهم لهذا التراث، بل سعوا -بحق أو خطأ- لتقريبه من مؤسسات الدولة، وهذا في حد ذاته جريمة كبرى عند أستاذ عثمان ومن يشبهه في الخط.
أما القول إن استخدام الدين في السياسة يهدم الدين… فهذا كلام مرسل.
الدين لم يأتِ ليُحبس في المساجد، بل نزل لينظم حياة الناس، ويقيم العدل، ويقاوم الظلم، ويقود السياسة والأخلاق والاقتصاد. وهل كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه– علمانيًا عندما قال: “لو أن شاةً ضاعت على شط الفرات، لسُئل عنها عمر”؟
أم كان صلاح الدين يفصل بين الإسلام والسياسة حين طرد الصليبيين من القدس؟
أم كانت المقاومة الفلسطينية تطلب رضا الله عندما حررت جنودها بصفقة وفاء الأحرار؟
دعونا نسأل بصدق: من دمر السودان؟
أليست الحركات المسلحة “المدنية” المدعومة من الخارج؟
أليس من وقع اتفاق جوبا الذي أعاد الفوضى باسم السلام؟
أليس من حلّ الجيش وفتح البلاد للتدخل الأجنبي؟
أليس من هتفوا ضد الشريعة واستدعوا السفارات الأجنبية؟
تجريم الإسلام السياسي ليس نقدًا.. بل تمهيد لشيطنة الدين نفسه. فمن الذي يحدد الخط الفاصل بين “دين مقبول” و”دين مرفوض سياسيًا”؟ ومن أعطى أحدًا حق احتكار تمثيل الدين أو إسقاطه؟ أليس هذا هو التقديس المقلوب للعلمانية كدين جديد؟

الخلاصة: من يريد محاسبة الإسلاميين، فليحاسبهم بالعدالة لا بالحقد. فليحاسبهم كمواطنين لا ككفرة بالدولة. أما رميهم كمجموعة خارجة عن الحضارة، فهذا خطاب إقصائي لا يختلف عن التكفير، بل هو أسوأ، لأنه يفصل بين الإنسان وقيمه وأعماقه ومرجعيته.
وأما عن إيران، فنعم، نحن لا نتفق معها في كل شيء. لكننا نعرف جيدًا لماذا تضرب، ومن الذي يخاف من نهجها. والويل لأمةٍ ترى عدوها عدوًا، لكنها تصفّق حين يضرب من يقول “لا”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.