كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
مقدمة القنابل التي سقطت على الخرطوم أسكتت شوارعها لكنها لم تستطع إسكات قلب الكرة السودانية.الملعبان القديران للهلال والمريخ—منصتا التنافس التاريخي اللذان كانا يوماً ما يُعرّفان شغف أمة—تحولا إلى ركام. كان يمكن أن تكون هذه صافرة النهاية. بدلاً من ذلك، أصبحت الفصل الافتتاحي لقصة لا تصدق عن الصمود. من بين أنقاض ديارهما، نهض عملاقا السودان برسالة تحد للعالم:

“سنواصل اللعب، حتى لو لم يتبق لنا وطن نلعب فيه.”
١. عندما سقطت الملاعب الحرب قوة عشوائية.لا تُفرق بين الحياة والإرث. ملعب الهلال، حصن “الأزرق”، وملعب المريخ، معقل “الزعيم”، لم يكونا مجرد مباني؛ كانا مستودعين مقدسين للذاكرة الجماعية للأمة. لم تكن مشاهد الخرسانة المحطمة والمقاعد الممزقة بين الأنقاض مجرد دمار؛ بل كانت جرحًا (غريزيًا) في روح كل مشجع سوداني.
٢. رحلة الشتات الكروي: رحلة أمل مع ذلك،رفضت اللعبة الجميلة الموت.
في أول موسم من المنفى، أصبحت الأندية سفراء بدويين. حزموا أدواتهم وفخرهم، وعبروا الحدود للعب في الدوريات المجاورة. شاهد الجمهور الأفريقي بانبهار بينما جسد هذان الناديان جوهر الرياضة الحقيقي: روح لا تكسرها الشدائد.
في الموسم التالي، قادتهم رحلتهم إلى موريتانيا. هناك، بعيدًا عن أنقاض الخرطوم، حقق الهلال المعجزة. حاربوا حتى وصلوا إلى القمة ورفعوا كأس الدوري—رمزًا ليس للتفوق الرياضي فحسب، بل للفخر الوطني الهائل. في زمن الحزن غير المسبوق، قدموا لشعبهم المشتت لحظة نادرة وموحدة من الفرح الخالص.
الآن، تستمر الملحمة. تنتشر الشائعات عن فصل جديد في الجزائر للموسم القادم. لم تعد صافرة البداية في كل مباراة بالخارج مجرد بداية لمباراة؛ بل هي إعلان قوي عن الوجود، وشهادة على استمرارية حياة الكرة السودانية.
٣. أكثر من مجرد لعبة: قوة التوحيد تجاوز الهلال والمريخ هويتهما كنادٍلكرة القدم فقط. أصبحا رمزًا متنقلاً وتنفساً للأمة السودانية. في تنزانيا، موريتانيا، وربما الجزائر، يتدفق المغتربون السودانيون والعائلات النازحة إلى الملاعب. يرفعون العلم الوطني، وتدوي هتافاتهم للسودان أولاً، ثم لناديهم. تطورت هذه المباريات إلى تجمعات مؤثرة للشتات—مساحة للحزن على ما فقد، وللاحتفاء بالهوية المستمرة، وتغذية الأمل في العودة (يوماً ما).
الخاتمة قد تكون المدرجات في الخرطوم صامتة،لكن روح السودان لا تزال تجري على أرض الملعب. يلعب الهلال والمريخ من أجل شيء أكبر بكثير من النقاط أو الكؤوس. إنهم يلعبون لإبقاء نبض الأمة مسموعًا فوق ضجيج الصراع. إنهم يلعبون ليخبروا العالم، بأقوى طريقة يعرفونها: “السودان لا يزال هنا. حتى في المنفى.”