الخبر السوداني

حول تحديات مجابهة العدوان الإماراتي على السودان قانونياً

متابعات الخبــــر الســــــوداني

معلومة غير مهمة: لم تقُم أي منصة إعلامية أو صحفية عربية؛ أو إعلامي سوداني عامل بها، لم تقُم بإيراد ولو خبر عام عن رفع السودان لقضية ضد الإمارات في المحكمة العالمية!

رفع السودان يوم الأربعاء قضية في محكمة العدل الدولية ضد الإمارات تصعيد مُحق وكبير ومهم، وأتي في وقت تحقق فيه الدولة انتصارات متتالية، بدون إغفال أن هناك من يقول بأن هذه الخطوة كان يمكن أن يأتي في وقت أبكر.

عموماً، وجود قضية مرفوعة في محكمة العدل الدولية تتهم الإمارات بخرق معاهدة منع الإبادة الجماعية سيمثل كابوس سياسي وقانوني وإعلامي ودبلوماسي للدويلة في حد ذاته، فكيف لواحة الاستقرار والانفتاح والحريات مجرد أن تكون مواجهة بهذه التهمة الفظيعة والكبيرة، وردة فعلها الصاخبة والمنزعجة تشي بأنها لم تتوقع قيام الحكومة بهذ التصعيد.

ستسعى أبوظبي وبكل ما أوتيت من موارد وعلاقات ولوبيهات إعلامية وسياسية للضغط ضد الذهاب بالقضية للأمام، وأتمنى أن تكون الحكومة قد وضعت استراتيجية، وتعاقدت مع مكتب محاماة معتبر.

على عكس محكمة الجنايات الدولية، فإن محكمة العدل الدولية تفصل في النزاعات بين الدول فقط، وهناك نماذج كثيرة لقضايا سابقة، ليس آخرها القضية التي رفعتها الكونغو ضد يوغندا، وبموجبها ربحت الكونغو، وأمرت المحكمة يوغندا في ٢٠٢٢ بدفع تعويضات بقيمة ٣٢٥ مليون دولار للكونغو.

أما في قضية خرق اتفاقية منع الإبادة الجماعية، فالقضية الأخرى أمام المحكمة هي التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إزرائيل العام الماضي، وانضمّ لها عديد الدول.

قضية جنوب افريقيا نجحت إعلامياً وسياسياً قبل أن تنجح قانونياً، وتوفر لها ما لم يتوفر ولا يبدو أنه سيتوفر للسودان، وأتمنى أن أكون مخطئاً.

تعتمد التغطية الإعلامية للقضايا المطروحة أمام محكمة العدل الدولية على عدة عوامل، مثل الأطراف المتنازعة، طبيعة التهم، ومدى تفاعل المجتمع الدولي معها. فالقضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إزرائيل حظيت باهتمام عالمي واسع، حيث غطتها كبرى وسائل الإعلام الدولية بشكل مكثف، مع تحليلات قانونية وسياسية موسعة. كما ساهمت الحملة الدبلوماسية القوية لجنوب إفريقيا في إبراز القضية على المستوى الدولي، مما عزز زخمها السياسي والإعلامي.

بالمقابل، القضية التي لم تحظَ بدعم دولي واسع أو لم تكن لأطرافها نفوذ إعلامي قوي، كقضية الكونغو ضد أوغندا، فلم تلقَ نفس المستوى من الاهتمام. رغم أن المحكمة حكمت لصالح الكونغو كما ذكرنا، لكنها لم تشهد زخماً كبيراً خارج الأوساط القانونية والدبلوماسية.

بالنظر إلى قضية السودان ضد دولة الشر، فإن التغطية الإعلامية ستتأثر بعوامل متعددة، منها مدى تبني مؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية لها، وقدرة الحكومة السودانية على إيصالها إلى الرأي العام العالمي. غياب التغطية الإعلامية الكافية قد يجعل القضية أكثر صعوبة في تحقيق مكاسب سياسية حتى في حال نجاحها قانونياً، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجية إعلامية قوية لكسر حاجز التعتيم وضمان وصول صوت السودان إلى المنصات الدولية.

مثلاً، جنوب افريقيا لديها منصة أخلاقية دولية مهمة، وقوة ناعمة معتبرة في قضايا محاربة الظلم والعنف المؤسسي، ويجب أن نضمها لمجهود السودان وقضيته العادلة المحقة بشكل من الأشكال. نحن في السودان نتعرض لتعتيم إعلامي متعمد ومقصود، فبجانب الحرب العسكرية والدبلوماسية، فنحن مواجهين بحرب السرديات التي تساوي بين الضحية والجلّاد، بل وتسعى لشرعنة الجلّاد، وعلينا العمل الجادّ لكسر حاجز الصمت المتعمد هذا بطرق إبداعية، فنحن دخلنا مرحلة جديدة في الصراع السوداني الإماراتي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.