كتب/ المهندس عمر الغبشاوي – الولايات المتحدة
متابعات الخبــــر الســــــوداني
تعيش دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام مرحلة حرجة قد تقود إلى مأزق قانوني وسياسي متعدد الأبعاد، مع اتساع رقعة الاتهامات الموجهة ضدها على خلفية تورطها المزعوم في الحرب الأهلية السودانية. فرغم أن القضية ما زالت حتى اللحظة في إطارها الحكومي – بين السودان والإمارات – فإن انتقالها إلى المستوى الشعبي، عبر مواطنين سودانيين يحملون جنسيات مزدوجة في الغرب، قد يفتح أبواباً قانونية لم تغلق لعقود، تماماً كما حدث في قضايا دولية سابقة، كان لها تبعات طويلة الأمد، ومكلفة للغاية.
من ليبيا إلى الإمارات: دروس لم تُستوعب
يُذكرنا الوضع الحالي بقضية لوكربي، التي وجدت فيها ليبيا نفسها أمام مطالبات ضخمة من أسر ضحايا تفجير الطائرة عام 1988، والتي انتهت بتعويضات بمليارات الدولارات، ودخول طرابلس في عزلة سياسية خانقة استمرت سنوات. كذلك نجد أصداء مشابهة في قضية المدمرة “كول” في اليمن، والتي أفضت إلى مطالبات بالتعويض من حكومة السودان.
اليوم، تتكرر المعطيات مع تغيّر الأطراف: الإمارات في موضع الاتهام، ومئات آلاف السودانيين حول العالم، ممن يحملون جنسيات أمريكية، كندية، أوروبية وأسترالية، في موقع المتضرر القانوني. القانون الدولي – وتحديداً الأنظمة القضائية الغربية – يمنح هؤلاء الأفراد الحق الكامل في التقاضي ضد من تسبب في الأذى المباشر أو غير المباشر لهم، سواء على الصعيد الإنساني أو الاقتصادي أو الأمني.
العواقب المحتملة على الاستثمارات الإماراتية
الإمارات، بثقلها الاستثماري الكبير في أوروبا وأمريكا، تملك أصولاً قابلة للتعقب والحجز في حال صدور أحكام قضائية لصالح الضحايا. إن طبيعة هذه الأصول – من شركات تكنولوجية وعقارية إلى صناديق استثمارية ضخمة – تجعلها عرضة لضغوط قانونية عبر ما يُعرف بـ”الدعاوى متعددة الجنسيات” (Multinational Tort Litigation).
فضلاً عن ذلك، فإن الضغط الشعبي والإعلامي في المجتمعات الغربية سيلعب دوراً محورياً في تحريك ملف هذه القضايا، حيث تلعب الديمقراطيات الغربية دور المدافع عن حقوق مواطنيها، خاصة حين يتعلق الأمر بجرائم ضد الإنسانية كالإبادة، الاغتصاب الجماعي، والتطهير العرقي.
ومع بدء ظهور الأدلة، ستجد الحكومات الغربية نفسها – سياسياً وقانونياً – ملزمة بتوفير الشهادات، وربما تقديم وثائق من أجهزة استخباراتها أو منظمات حقوقية تابعة لها، مما يعزز موقف الادعاء في تلك القضايا.
القضايا المدنية: موجات تضرب بلا هوادة
إذا كانت القضية بين الحكومة السودانية والإمارات قاسية، فإن انتقالها إلى يد المتضررين المدنيين يجعلها قاتلة. فهذه قضايا لا تُحل بالاتفاقات الثنائية أو التسويات السرية، بل تُدار وفق القانون المحلي في كل بلد، وتدعمها مؤسسات المجتمع المدني، واللوبيات الحقوقية، وجماعات الضغط القانونية.
وفي ظل القلق العالمي المتزايد من تورط الأموال الخليجية في نزاعات دموية، فإن شركات التدقيق المالي وصناديق التمويل العالمية ستعيد النظر في مدى أخلاقيات الاستثمارات المشتركة مع الإمارات. وهذا له أثر مباشر على التصنيف الائتماني للإمارات وشركاتها، فضلاً عن مؤشرات الاستدامة وحقوق الإنسان التي أصبحت عنصراً حاسماً في قرارات الاستثمار.
حرب جديدة: في ساحات المحاكم الغربية
من المتوقع أن تنتقل المعركة قريباً إلى ميدان جديد: المحاكم الدولية والوطنية في الغرب، حيث يمتلك السودانيون المقيمون هناك سلاح الجنسية القانونية، والحق في المطالبة بالتعويضات، والمحاسبة القضائية. لن تكون هذه معركة محدودة أو فردية، بل ستكون حملة واسعة النطاق، يربطها هدف مشترك: محاسبة الإمارات على دورها في حرب السودان.
وهو ما سيجعل من أروقة القضاء الغربي ساحة جديدة للصراع، لا تقل شراسة عن ساحات القتال في السودان.
خاتمة
الإمارات على أعتاب أزمة متصاعدة، ليست فقط سياسية، بل اقتصادية وقانونية وأخلاقية. وإذا لم تُعالج هذه الملفات بشفافية وعدالة، فقد تجد نفسها عالقة في موجة قضايا دولية لا تسقط بالتقادم، ولا تُحل بالدبلوماسية الناعمة.
م. عمر الغبشاوي
الولايات المتحدة – 12 أبريل 2025
نرجو من السودانين فتح بلاغات في هذة الدويله النازيه في جميع بقاع العالم