الخبر السوداني

نقطة بداية .. المفاوضات.

حديث المدينة | عثمان ميرغني

خلال مفاوضات نيفاشا الشهية.. التقينا بالدكتور جون قرنق لاول مرة وجها لوجه.. و ظل يجيب على أسئلتنا لعدة ساعات .. وفي سياق شرحه للبحث عن رأس الخيط في مفاوضات معقدة حكى النكتة الشهيرة ثم قال المثل المعروف (لابد من ان تجد موقعا للبداية) You should have a place to start with.

أمس، كتبت هنا أدعو لمفاوضات مباشرة بين السودان و الامارات.. و أوضحت بايجاز حيثيات ذلك.. و لحسن الحظ بعد ساعات قليلة من نشري للعمود أصدرت الخارجية الأماراتية بيانا قالت فيه :
(إن تشكيل حكومة مستقلة بقيادة مدنية هو السبيل الوحيد لإحداث تغيير حقيقي في السودان، مشددة على أن القوات المسلحة والدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني ولا يمكن لأي منهما تحقيق الاستقرار في السودان.
أن إحلال السلام في السودان يتطلب معالجة التحديات على المستوى الإقليمي، مع ضرورة ضمان عدم تحول السودان إلى ملاذ للتطرف والإرهاب، وحذرت الخارجية الإماراتية من استخدام المساعدات الغذائية كسلاح ضد المدنيين..)

ها قد بدأ التفاوض.. رغم أن البلدين لم يعلنا الخوض في أية مباحثات ثنائية.. لكن بيان الخارجية الاماراتية في حد ذاته ضربة بداية للحوار والتفاوض..
سيرد الجانب السوداني بالقول أن ما طرح بيان الخارجية الاماراتية هو من صميم الشؤون الداخلية السودانية..وأن ما يحتاج البلدان التركيز على القضايا المشتركة ونقاط الخلاف فيها .. وهنا يكون السودان استجاب للحوار.. وبدأ ت مفاوضات حقيقية وان لم تكن مباشرة..
في الواقع أن أية مفاوضات تبدأ من أبعد نقاط التلاقي.. يطرح كل طرف فيها الأجندة التي يراها موضع الخلاف.. وهي المرحلة الحساسة التي يطلق عليها فنيا (الاتفاق على الأجندة) .. وليس مهما مقدار الخلاف و لا تباعد المسافات بين الطرفين.. بل الأهم أن يكون هناك حوار وتفاوض..ولو بدأ بصورة غير مباشرة كما في المثال الافتراضي الذي ذكرته.

الخلافات بين الدول مهما كانت عميقة و معقدة فإنها يوما ما تزول و قد تنقلب الى علاقات ارتباط ومصالح مشتركة منتجة ومثمرة للشعوب.. لا أحد يتصور أنه بعد حرب فيتنام المدمرة الطاحنة أن تصبح الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الاول لفيتنام.. و دول كثيرة اجتاحت علاقاتها الثنائية مواجهات وتوترات لكنها عادت أكثر ارتباطا و تشاركا.

وفي حالة السودان والامارات .. لم ينقطع التواصل الاقتصادي ولو ليوم واحد.. لا تزال الشريك الاقتصادي الأول و بوابة التجارة الخارجية السودانية..
كررت كثيرا أن النظر للأهداف يساعد على تخطي كثيرا من الصعاب.. فإذا كان الهدف هو أن يكون للبلدين علاقات طبيعية بل شراكات لمصلحة الشعبين.. فإن البحث عن مخرج من الأزمة أمر يهم البلدين..

حديث_المدينة الخميس 17 أبريل 2025

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.