كتب / الغالي الزين
متابعات الخبــــر الســــــوداني
شجرة الحراز ….
تلك الشجرة الصامدة المعتدة بنفسها…..
شجرة ليست كالأشجار ….. فهي موسمية مزاجية مثمرة …..
حكت لنا حوبوباتنا و أمهاتنا في الأثر قصة صمودها و اعتدادها و مزاجها و قلن أنها كانت بينها و بين (المطر) خصومة حتى وصلت درجة الفجور و اللاعودة للصلح فقررت المطرة أن تحبس ماءها عنها و جزمت هي ألا تشرب من ماء المطرة فبقيتا على الحال إلى اليوم …..
فشجرة الحراز تراها في عز الخريف عبارة عن عيدان يابسة لا أحد يعيرها انتباه مع زينة الأرض بالخضرة و جريان الأنهار من تحتها كما هي الأخرى تترفع عن هذه الخضرة و تتزين بنفض أوراقها و يتجلى جمالها في لون فروعها الفضية التي ترفعت حتى عن النظر للمياه التي تجري من تحتها و تعكس لونها الفضي على الماء فيزيده لمعاناً كأنها تريد أن تقول للمطرة خذي و اكملي زينتك مني!……..
و رغم كل ذلك لا يخضر منها فرع في فصل الخريف بينما تزدان و تلقي بظلالها على الأرض في فصل الصيف ……
ترى كل الأشجار حولها في الصيف يابسة إلا هي تكتسي بالخضرة و تتزين بالنوَّر الحلزوني بلونه الأبيض المائل إلى صفار و تؤتي أكلها بعد حين من ثمار ( الخروم ) خاطف اللونين ( الأحمر و الأصفر ) و يتساقط إلى الأرض متخلقاً ك( عاج الفيل ) في شكله لتعلفه الأغنام و الأبقار و الجمال ……
شجرة الحراز من الأشجار المعمرة جداً و لدي منها ما يربو عن الأربع شجرات في زراعتي أحداها وجدتها منذ أن فتحت عيناي على الرعي و الزراعة و هي الشجرة الوحيدة بجانب شجرة الدوم و النخيل لا تؤثر على الزرع و من فوائدها أنها تستخدم سيقانها معاصر للزيوت البلدية ( السمسم ) …..
و من الطُرَف يحكى أنها استخدمت وثيقة لفصل الحدود بين قبيلة دار حامد و الجوامعة غرب بارا بنحت (وَسْمَيْ) القبيلتين كل من اتجاه و لم يأت هذ الاستخدام إلا لعلم الناس في ذلك الوقت بأنها تعيش سنين طويلة . لكن ليس هناك طائل أمام تقلبات الطبيعة و تدخل يد الإنسان …….
من ميزات هذه الشجرة أنها لا تموت متكئة على الأرض بل تجف وهي واقفة ، و لا تسقط على الأرض إلا بسبب قطع أو حرق !!….
إذن يمكن تصنيف هذه الشجرة رمزاً للعز و الشموخ و الصمود بقوة أمام التيارات الجارفة و الضربات الناسفة كما السودان اليوم أمام القوة الاماراتية و الاقليمية و المؤامرات الدولية ، و كما فاشر السلطان و الأُبيِّض ريحانة كردفان …..
بعد أن فشلت أيادي الغدر و الخيانة من مرتزقة الإمارات ، و ناسجي المؤامرات ، و ربائب السفارات في تنفيذ مخططهم للسيطرة على السودان و تكبدهم للخسائر ، و لقوا حتفهم في أم درمان ، زحفوا غرباً تائهين في بوادي كردفان شمالها و شرقها و غربها و جنوبها ، يعوثون فساداً في الحواضر و القرى و المدن و الفرقان …….
ها هم بعد أن يئسوا من الوصول إلى قلب كردفان عاصمتها الأبيِّض حيث الأمن و الأمان ، لجأوا لبث أحقادهم بالتخريب ، و نفث سمومهم بمسيراتهم و قاذفاتهم ليطالوا من الأبيض أعياناً و سكاناً بعد أن حاصروها من بارا شمالاً و النهود و الخوي غرباً و الحمادي و الدبيبات جنوباً و بعد أن لقنهم متحرك الصياد في أم روابة و الرهد درساً لن ينسوه أبداً …..
لجأوا لحيلة المسيرات لعلهم بذلك يدخلون الرعب في أهل الأبيض ليهجروها و يتركوها لهم لقمة سائغة . و لكن هيهات مع وجود حارسها الهجانة أم ريش ساس الجيش ، و هيهات مع متحركها الصياد صانع الأمجاد ، و هيهات مع صمود شجر الحراز حول فولة فلاتة و آبار كرياكو و (التُمْنَة) الغربية …..
و هيهات مع مواطني هذه المدينة الأبية التي ناصرت المهدي على جراب الفول و انطلق منها تحرير الخرطوم من قبضة غردون ….
و يا أيها الأوغاد سيروا مسيراتكم و ارموا قاذفاتكم و اقعدوا مقاعدكم في بارا و النهود و غيرها من مدن كردفان و دارفور حتى حين ، و سترون أي منقلبٍ تنقلبون ….
و مهما سيرتم و قذفتم و رميتم من مرفق حيوي و قتلتم بريئاً فلن يموت الحراز متكئاً …….
رحم الله الشاعر محمود درويش القائل …
فالوحش يقتل ثائراً * و الأرض تنبت ألف ثائر
يا كبرياء الجرح * لو متنا لحاربت المقابر
فملاحم الدم في ترابك * ما لها فينا آخر
حتى يعود القمح للمزارع * يرقص في البيادر
و يغرد العصفور حين يشاء * في غرس الأزاهر
و الشمس تشرق كل يوم * في مواعيد البواكر
أبشروووووا
الغالي الزين حمدون
٢٠٢٥/٦/٨م