متابعة -الخبر السوداني
يقوم الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للجيش بزيارة رسمية إلى العاصمة المصرية القاهرة غد الأثنين . تأتي الزيارة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة القضايا المشتركة ، في هذا المقال نحاول استعراض أهم القضايا التي يحتمل أن تناقشها الزيارة في محاولة لقراءة دلالات ذلك وفقًا لسياق الأحداث في السودان والمنطقة العربية والقرن الإفريقي . كما أن من المهم أخذ الوضع الميداني للجيش السوداني في جميع المحاور وجبهات القتال في الاعتبار حيث شهدت الأيام الماضية تفوقًا واضحًا للجيش، استعاد بموجبه عددا من المواقع الحاكمة في ولاية سنار وعبر الجسور إلى قلب الخرطوم ، بجانب التقدم المؤثر في محور دارفور .
بالإضافة إلى ذلك، هناك رغبة دولية وإقليمية واضحة في أهمية إنهاء الحرب في السودان ، نظرًا للتغييرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط والقرن الإفريقي التي تستوجب إعادة ترتيب قدرات الجيش السوداني لمجابهة التحديات المحتملة ، إلى جانب احتواء تداعيات الحرب السودانية على دول الجوار. كما يجب النظر بعين الاعتبار إلى الزيارات المتتالية للقاهرة الأسبوع الماضي التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ناقشت هذه الزيارات ضمن أجندتها أهمية وقف الحرب في السودان .
مؤخرا وبعد الاعتداءات المروعة على مواطني شرق الجزيرة ودارفور بواسطة الميليشيا المعتدية ، أصدرت الخارجية المصرية والمملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وعددا من الدول الشقيقة والصديقة، بالإضافة إلى منظمات إنسانية وحقوقية تابعة للأمم المتحدة، والأزهر الشريف وعدد من القيادات الدينية بيانات إدانة لهذه الاعتداءات .
وصفت هذه الخطوة حسب مراقبين بالمؤثرة وغير المسبوقة . تلك ردود الأفعال الداعمة لموقف الحكومة قد تشجع الرئيس البرهان أن يطلب من مصر لعب دورا في تسريع إجراءات تصنيف الميليشيا كمنظمة إرهابية ، نظرا للثقل السياسي والدبلوماسي الذي تمثله مصر على المستويين الإقليمي والدولي وهذا يعتبر أول الملفات المنتظر بحثها بين الجانبين حيث يرى مراقبين هذا التصنيف سوف يؤثر بشكل كبير في الحد من قدرات الميليشيا على مواصلة الحرب . كما أن جميع داعميها من الأطراف الإقليمية والدولية وحتى الأطراف الداخلية التي تدعمها عبر غطاء سياسي وإعلامي ، قد ترفع يدها عنها خشية الملاحقة القانونية.
من الملفات التي يُتوقع أن يبحثها الرئيس البرهان مع الرئيس السيسي أيضًا ملف تشكيل الحكومة السودانية ، التي بدأت ملامحها في الظهور على مستوى المؤسسات الخدمية ، بالاعتماد على الكفاءات الوطنية ضمن الرؤية الجديدة التي أجازها مجلس السيادة السوداني في الترشيح للوظائف القيادية في الدولة وفقًا لمؤهلات تم ذكرها في إعلانات تابعها السودانيين عبر الوسائط الإعلامية ، في السابق ظلت هذه الوظائف تخضع لمحاصصات أو تعيينات غير مدروسة ، كلفت البلاد أثمانا باهظة في إهدار الموارد وضياع الوقت .
تأتي أهمية هذا الملف لضمان حشد الدعم والتأييد للحكومة القادمة بالنظر إلى تصريحات سابقة للرئيس السيسي بأن مصر ستبذل قصارى جهدها لوقف النزاع في السودان ، والعمل على تشكيل حكومة بالتعاون مع القيادة السودانية تؤدي إلى انتخابات ، بما يضمن استعادة الأمن والاستقرار، وأكد أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للسودان، بل تسعى إلى تهدئة الأوضاع ، بما يساعد السودانيين على استعادة الأمن وتحقيق السلام .
من الملفات المهمة الأخرى ملف أوضاع السودانيين المقيمين في مصر الذي يعكس الروابط التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين، والتي تجلت في الدور المصري في استقبال المواطنين السودانيين وتخفيف معاناتهم ، أهمها التعليم الذي يواجه تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة ، بالإضافة إلى الخدمات العلاجية . كما تبرز أهمية إعادة فتح تأشيرات الدخول إلى مصر حيث ظلت اعدادا كثيرة من السودانيين مكدسين على المعابر بغرض الدخول للتعليم والعلاج مع التزامهم بكافة الاشتراطات التي أقرتها الحكومة المصرية في فترات سابقة .
كما يُتوقع أن يشمل النقاش ملف مياه النيل والمشروعات المشتركة ، حيث تتطابق وجهات نظر البلدين فيما يخص سد النهضة ومفوضية مياه النيل. وهناك أيضًا ملف العلاقات التجارية وتدفق الصادرات بين البلدين الذي حاولت ميليشيا الدعم السريع عرقلته بإعلانها وقف صادرات المنتجات الزراعية والحيوانية من مناطق سيطرتها في دارفور، ولكن الحكومة السودانية قادرة على التغلب على ذلك وسترسل التطمينات اللازمة للجانب المصري في هذا الصدد .
تُعتبر هذه الملفات، وفقًا لـ”وجه الحقيقة”، مهمة لترتيب الشأن السوداني فيما يتعلق باستعادة الأمن وتحقيق السلام للسودانيين والانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب ،كما تعكس الزيارة التزام كلا البلدين بتعزيز العلاقات الثنائية وتحقيق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة . أيضا يجب على الأطراف الدولية دعم الجهود والتعاون مع السودان ومصر لتحقيق الأهداف المشتركة وضمان الاستقرار .
دمتم بخير وعافية.
الأحد 3 نوفمبر 2024م.
Shglawi55@gmail.com