وجه الحقيقة
رصد – الخبر السوداني
لا شك أن وسائل الإعلام: الصحف أو الفضائيات أو الإذاعات أو وسائل التواصل الاجتماعي لها دور بارز في تشكيل الرأي العام خاصة خلال الحروب والصراعات الدولية، فهي ليست فقط وسيلة لنقل الأحداث بل أداة بارزة في إدارة الحرب ورفع مستوى الوعي بالمهددات والمخاطر، بالأمس جلسنا كعائلة لنتحدث عن مجريات الأحوال اليومية في بلادنا عن ضرورة إعلان حكومة حرب لمواجهة تحديات المرحلة و إيقاف ظاهرة الابتزاز السياسي التي يمارسها بعض قيادة الأحزاب السياسية على الجيش .
تفاجأت بتعليق أبنائي: الذين وصفوا حديثي بأنه يشبه حديث الإنصرافي ، الذي أصبح مثلهم الأعلى ومؤسستهم في تصدير القناعات . كنت قد سمعت الكثير عن هذا الشاب السوداني المسمى بالإنصرافي الذي يظهر عبر بث مباشر في فيس بوك . الرجل ترك بصمته في فترة التغيير بعد سقوط حكم البشير في العام 2019م والتي اعقبتها حالة من الفوضى في البلاد إلى أن اشتعلت الحرب .
لم أكن أدري أن تأثيره سيصل إلى أذهان أولادي ويصبح ملهما ويثير تساؤلاتهم بخصوص موقفي من قضية الحرب ودعم القوات المسلحة السودانية ، ذلك بحكم أنني أدرس الطلاب في الجامعة أهمية الحفاظ على دور الجيش كضامن لوحدة البلاد بعيدًا عن الصراعات السياسية لأني أؤمن بأن الجيش الوطني يجب أن يكون بمنأى عن الصراع السياسي بوصفه الضامن لوحدة كيان الدولة وممسك لنسيجها الإجتماعي .
لذلك يجب أن يكون خارج الصراعات الداخلية بين الأحزاب التي من شأنها تقويض استقرار البلاد والدفع بها نحو الخيارات الصفرية ، لكن تعليق أبنائي جعلني أشعر بالقلق من أن يكون هذا المفهوم قديمًا أو لا يتناسب مع توجهات الشباب الحديثة .
لذلك قررت أن أستمع إلى بعض أحاديث الإنصرافي هذا وأحاول رصد تأثيره على الرأي العام فعلت ذلك بتدبر وانتباه ، سرعان ما اكتشفت أن الرجل يمتلك منهجية مميزة في التأثير و صناعة الرأي العام بصورة ذكية يعتمد فيها على كاريزما الصوت وربما المشاعر التي يحملها الجمهور تجاه أهمية استعادة الأمن والسلام لذلك بدأ بارعا في إدارة المعركة في جانبها الإعلامي .
ظل يتميز بقدرته على كشف مخططات التمرد وداعميه في حكم البلاد دون تفويض انتخابي بجانب زيادة وعي الناس بالقضايا الوطنية وأهمية مناصرة الجيش ، كان يستخدم صوته بتلقائية وكلماته بصورة جذابة فيها جانب من البساطة وربما السوقية أحيانا لدعم الجيش وحث الناس على المقاومة الشعبية .
بصراحة أعترف وربما يعترف آخرون أن تأثير الإنصرافي على الرأي العام تجاوز كافة التوقعات بعد أن سالت عدد من الأصدقاء وعينات من الناس خارج البيت بل في كل مكان ذهبت له لقضاء الاحتياجات ، لقد تمكن الرجل من تحويل ميزان الحرب لصالح الجيش في جانبه الإعلامي من خلال الكشف عن طبيعة المخطط الذي أشعل الحرب و علاقته بالصراعات السياسية والابتزاز الذي تمارسه بعض الأحزاب والادعاء أنها تمثل الشعب السوداني .
استطاع الإنصرافي أن يحفز السودانين على التمسك بقيمهم وثوابتهم والدفاع عن بلادهم ضد الأعداء المتربصين على المستويين الإقليمي والدولي . هذا الشاب أثبت أنه يستحق الإشادة والتقدير ، كما أنه ظاهرة تستحق الدراسة والتقييم . يجب أن تستمر جهوده في إلهاب الحماس لإستعادة الأمن وتحقيق السلام كما يجب أن يدفع الناس نحو بناء مستقبل أفضل للسودان .
يجب على الجميع أن يقدروا دور الإعلام بكل وسائله المباشرة وغير المباشرة في الأهمية والتأثير لا سيما أننا نستقبل شخصية ذات وزن وكاريزما في هذا المجال وهنا أعني الصديق الوزير خالد الاعيسر الذي تقلد اول أمس حقيبة الإعلام عن جدارة واستحقاق وهو كما نعلم جميعا يعتبر من الشخصيات البارزة التي ظلت تدافع عن بلادنا خلال حرب الكرامة بوعي واقتدار.
كما ظل يؤكد أنه داعم للجيش لأنه يعلم أن دولة بلا جيش لن يكتب لها الحياة أو الوجود . دعواتنا له بالتوفيق فالشعب السوداني ينتظر منه الكثير في توجيه الآلة الاعلامية نحو التغيير الإيجابي في المجتمع وفي نقل خطاب السودان للإقليم والعالم . فالرجل متخصص في دبلوماسية الإعلام والاتصال .
أن واجبنا جميعا دعم جيشنا و الأفراد الذين يعملون على تحقيق وحدتنا الوطنية وتوجيه الرأي العام نحو البناء والتطور وإستعادة الأمن والسلام . لذلك أمثال الإنصرافي يجب أن يجدوا مننا التقدير والاحترام عليه أدعو جميع أفراد المجتمع السوداني إلى دعم الإنصرافي كما ادعو الإنصرافي إلى الالتزام بالخطاب الوطني الذي يجمع الناس ويبني المستقبل ويتجاوز الصراعات الصفرية ، فإن وجه الحقيقة يلزمنا أن نستمر في تشجيع بعضنا البعض لبناء مستقبل مشرق للسودان وجعله بلدًا امنا يعيش فيه الناس بطمأنينة وسلام وازدهار .
دمتم بخير وعافية .
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com