متابعات الخبــــر الســــــوداني
السودانيون مبدعون في تجديد الكلام و تطويع الحرف و تحريف الكلم …. تجدهم (بلابسة) أحياناً و (بلابصة) أحياناً أخرى …. بلابسة و بلابصة كلمتان مترادفتان مغزىً و مختلفتان معنىً …. و هما مفردتان سودانيتان حصراً على معاجم لغة أهل السودان ( التهكمية ) مع أن لغتهم الرسمية هي العربية …. و (التهكمية) لغة جانبية ابتدعوها للهمز و اللمز بيد أنهم يعرفون أن الهمز و اللمز صفتان مذمومتان عند الله ( ويل لكل همزة لمزة ) و ( لا تلمزوا أنفسكم ) …. لكنهم أكثر ما يميلون للغة التهكم في مجال السياسة فيطلقونها على الكيانات أو الجماعات أو الأحزاب فيقولون مثلاً للإخوان المسلمين و كل من له صلة بالاسلاميين أو حتى من أرسل لحيته ( الكيزان ) و للبعثيين ( القدد ) و لأصحاب الطرق الصوفية و الطوائف الدينية ( دراويش ) و غيرها مما لا يسع المجال لذكره ….
فالبلابسة عبارة استحدثت أثناء الحرب و هي جمع (بلبوس) و تطلق اختصاراً لمن وقفوا في صف الجيش و يرددون عبارة ( بل بس ) و هي تحفيزية تعنى الإمعان في ضرب العدو و مواصلة القتال حتى النصر و طرد المرتزقة و الأجانب ….
أما عبارة ( بلابصة ) جمع (بلباص) لم ترد في قاموس الحرب إنما هي في القاموس العامي السوداني و تعني بالفصحى ( رواغ ) و ( يروغ عنك كما يروغ الثعلب ) بمعنى آخر ( زواغ ) أي شديد الزوغان ، و متقلب الآراء و المواقف . فلا يؤخذ بكلامه و لا يؤمن جانبه و هو أقرب إلى النفاق ، و هؤلاء كثر بين المجتمعات البشرية عامة ….
انقسم السودانيون في الحرب الدائرة في السودان بين مؤيد للجيش وصنفهم خصومهم بالكيزان أو البلابسة و هم يرون اسمترار ( البل ) حتى يخرج آخر جنجويدي من منازل المواطنين و مؤسسات الدولة . و بين مؤيد لمليشيا الدعم السريع ضد الجيش و صنفهم خصومهم بالقحاتة أو القحاطة أو القحاحيط جمع قحاتي و قحاطي و قحطوط شعارهم ( لا للحرب ) دون تقديم بديل مقنع لوقفها و هؤلاء يؤيدون احتلال مليشيا السريع لمنازل المواطنين و الممؤسسات و المرافق الخدمية كأنهم يباركون ملكيتها للمليشيا …. يا له من شعب مبدع في الوصف و التوصيف ! …..
استمر السجال بين الفئتين طيلة سني الحرب مع علو وتيرة إحداهما اذا تحقق نصر لحلفيها و انخفاض وتيرة الأخرى اذا أصيبت بهزيمة ….
ظل هذا التقاطع لقرابة السنتين تبدلت فيه مواقف و جرت خلاله مياه كثيرة تحت الجسور ….. لكن الصوت الأعلى كان للقحاتة أو القحاطة و التقدميون لما لديهم من هالة إعلامية و قنوات إخبارية مدفوعة الأجر من دولة الإمارات الراعي للدعم السريع و حواضنه من قحت و قحط و تقدم و تقزم و كلها اسماء لحواضن الدعم السريع ( تتعدد الأسماء ) و الهدف واحد ….
البلابسة كما يسمونهم يرون أنهم أصحاب قضية و حق و وطن و أنهم لا يتقاضون أجرا مقابل وقوفهم بجانب القوات المسلحة و حمل السلاح ضد المليشيا و سيظل موقفهم ثابت تجاه الجيش و الوطن لآخر قطرة دم ، بينما يرون في خصومهم القحاطة أنهم مأجورين على وقوفهم بجانب الدعم السريع ضد الجيش . و في حالة هزيمة المليشيا سينقطع ريعهم و لن يكون لهم وجود بين أهل السودان و سيكون مصيرهم ( الشتات ) بيد أنهم يديرون غرفهم الإعلامية من خارج السودان و سيبقون هناك …..
إذن البلابسة بثباتهم في أرض المعركة و الدفاع عن الوطن قد وطنوا موقفهم بالثبات على (البل) حتى تبتل الأرض بدماء الخونة و المرتزقة و العملاء و يتعافى السودان من أمراض العمالة و الأرتزاق ….
أما القحتاويون و القحطاويون و التقدميون و التقزميون لا يزالون في غيهم يعمهون …. و ما زالوا يستدعون الأمم و دول الجوار لمعاداة السودان ليكون الأمر لهم من قبل و من بعد في حكم السودان و لو على ركام المباني و جثث المواطنين ، وهم بذلك يمارسون ( البلبصة ) فيضعون (كراع) على المركب و ( كراع ) في الماء ليسهل سحبها في اتجاه الغرق إذا استحكمت الحلقات و اتجاه المركب اذا انفرجت ….. تحقيقاً للمثل انظر كم من مستشاري المليشيا من القحاطة قفز من مركبها و آخرهم بالأمس مستشارها ايوب نهار …..
إذن ما بين البلبسة و البلبصة ثبات و شتات ….
و قد آن الأوان لمن أراد أن ينضم لحلف الثبات أو حلف الثبات ….
الأبواب مشرعة و الثبات نبات ….
و نصر من الله و فتح قريب……
الغالي الزين
٢٠٢٥/١/٢٥م