حديث المدينة:
متابعات الخبــــر الســــــوداني
أصدقكم القول.. بعض العبارات عندما أسمعها أحس بحزن عميق وحاجة للبكاء بصوت محمد الأمين في رائعة الحلنقي (ورا البسمات كتمت دموع.. بكيت من غير تحس بيا).. وكتمان الدموع لأنني لا أريد من شعبنا أن يستشعر ضعفنا..
أمس في شاشة قناة الجزيرة مباشر شاهدت الدكتور محمد زكريا الناطق الرسمي باسم الكتلة الديموقراطية.. والأستاذ وجدي صالح يتعاركان سياسيا.. والله العظيم – وانه لقسم لو تعلمون عظيم- كابدت شح نفسي الامارة بالسوء التي كانت تلح علي أن أوفر زمن المشاهدة.. لكني وبعد جهد أقنعت نفسي.. بل كذبت عليها قلت ربما هناك تغيير.. ربما هناك معجزة في شهر البركات.. دعني اصطبر و اصابر.. وان الله مع الصابرين.
لكن صديقي العزيز محمد زكريا حرمني من الاستمرار.. سألته مقدمة البرنامج.. ماهو الجديد في الوثيقة التي “تسمونها” خارطة طريق.. ولكي أكون صادقا معكم هي لم تستخدم عبارة “تسمونها” هي من عندي كما يفعل المترجمون المحترفون أحيانا عند ترجمة نصوص فيضيفون عليها زوائدا للمساعدة في الفهم.. أو كما فعلت أنا في مرة و أنا أخاطب جلسة استماع في البرلمان الألماني ببرلين.. واستخدمت عبارة “دارجية” سودانية وظننت أن المترجم من الأصول اللبنانية قد لا يستطيع ترجمتها الى الألمانية، فنظرت نحو المترجم في غرفة الترجمة في الطابق العلوي وقلت مخاطبا له ( لمصلحة الترجمة..) واردت أن اشرح العبارة فإذا به يشير لي بيده أنه فهمها و ترجمها.. فواصلت في الحديث دون تفسير للعبارة..
المهم محمد زكريا بدأ بهذه العبارات التي اخترتها لكم :
الحوار السوداني سوداني ..
الأطروحة..
المشروع
مسودة الحوار الوطني..
توطين حل الازمة السودانية
ايجاد اجابات أسئلة صعبة أقعدت بالدولة السودانية
فك ارتهان الازمة السودانية للخارج
التدخل الدولي السالب في الشأن السوداني.
جهد وطني خالص ليس كتابا منزلا.. بل حجرا في البركة الساكنة
نمد أيادي بيضاء للقوى السودانية
تحقيق الاستقرار والسلام
تحقيق الانتقال الديموقراطي..
حوارات شملت قوى سياسية ومدنية
قدمنا ورقة لرئيس مجلس السيادة..
ثم تحول المايكرفون إلى وجدي صالح..
ايقاف الحرب..
الفترة الانتقالية..
هناك اصطفاف سياسي.
ماهي أطراف الحوار السوداني سوداني؟ ماهو مكانه؟ ماهي أجندته؟
القوى السياسية الفاعلة.
قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر
وهكذا..
لو طلبنا من باحثين أكاديميين تقصي جذور الخطاب السياسي السوداني لاكتشفوا أنه يعتمد كليا على مبدأ تدوير “المصطلحات” والعبارات..
وهذه يطلق عليها اخواننا المصريون في أمثالهم الشعبية عبارة ذكية ” حافظ مش فاهم”.. أي أن المطلوب حفظ وترديد العبارات ولا يشترط أنها في النهاية تؤدي لمعني له مدلول عملي.. و تذكرون أنني ألقيت محاضرة في دولة عربية شقيقة كانت بعنوان (عكاظية الخطاب السياسي السوداني) خلصت فيها الى أن الخطاب السياسي السوداني أشبه بسوق عكاظ يعتمد مبدأ اللغة ومفرداتها كمعيار دون ربطها بالتأثير المباشر على الأرض.. وهو ما يلخصه العرب في (أعذب الشعر أكذبه..) و كلمة “أكذبه” هنا ليست معيبة أو شاتمة فالمقصود ما لا يشترط ان يتطابق مع الواقع في الماضي و لا الحاضر ولا المستقبل.
ولكوني أدرك دائرية خطاب الملعب السياسي السوداني فقد قدمت عرضا مغريا للقوى السياسية التي اجتمعت في بورتسودان.. ثم رفعت الوثيقة/ الأطروحة/خارطة الطريق إلى الرئيس البرهان الذي ألقى نظرة سريعة عليها وقال ملاحظة مهمة (شايف لسه عندكم 16 ورشة عمل)
عرضي لا يزال قائما .. بدلا من صرف الأموال في 16 ورشة قد تستغرق شهورا طويلة.. ومجهودا جبارا للتنظيم.. أنا مستعد متطوعا و مجانا أن أحبس نفسي لمدة يومين أو ثلاثة وأسلمكم كل توصيات هذه الورش.. ومعها ضمان يمكن التجربة بورشة ومقارنة النتائج..
المهم عرضي في طاولة القوى السياسية والمجتمعية.. إذا قبلته فنعما هي.. ولن تخسر.. و إذا لم تقبله.. فإني أحذركم (لدي خيارات أخرى تعلمونها جيدا)..
في انتظار ردكم… وأرقامي معكم..
حديث_المدينة الأربعاء 12 مارس 2025