الخبر السوداني

الفاشر: صوت القومية والصمود والتاريخ

كتب / أحمد علي عبدالقادر

لطالما كانت الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، رمزاً حياً للوحدة والتضحية. هذه المدينة العريقة، التي تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من الكفاح والنضال، تصدح اليوم بصوت القومية والصمود، متحدية كل محاولات الحصار والانقضاض عليها من قِبل المليشيات الإرهابية. ومع مرور أكثر من عامين على الحصار المفروض عليها، لم تكسر الفاشر، بل أصبحت صرحاً من الصمود يُحتذى به في تاريخ السودان الحديث.

إن الفاشر ليست مجرد مدينة جغرافية، بل هي قلب ينبض بحياة شعبها الذي لم يهادن في وجه أي تحدٍ، ولا تراجع عن مسار الحق والعدالة. منذ بداية الأزمة في دارفور، كانت الفاشر في المقدمة، رغم التحديات الكثيرة، لا تهتز أمام جبروت المليشيات ولا أمام محاولات التأثير على عزيمة أهلها. هذه المدينة التي شهدت على مر السنين مختلف فصول الصراع، ارتبطت دومًا بواحدة من أقوى روايات الصمود التي يسجلها التاريخ.

ورغم الأفعال الإرهابية للمليشيات التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق الفاشر، من تدمير للمستشفيات التي كانت تقدم العلاج والراحة لمئات الآلاف من الناس، إلى استهداف مصادر المياه والطاقات الكهربائية التي تمثل شريان الحياة لهذه المدينة، لم يتراجع أهل الفاشر. وعليه، فإن محاولات تدمير بنيتها التحتية لم تكن سوى خطوة يائسة من هؤلاء المجرمين الذين ظنوا أنهم قادرون على كسر إرادة الفاشر.

لكن الفاشر، التي تعودت على الصمود في وجه التحديات، بقيت صامدة في مواجهة هذه الممارسات الإرهابية. لم تكن هذه الأفعال الظالمة سوى حافز إضافي لأهل الفاشر للاستمرار في مقاومتهم. ورغم فقدان جزء كبير من الخدمات الأساسية التي كانوا يعتمدون عليها، لا يزال شعب الفاشر يتحدى ظروف الحصار القاسية ويواصل النضال بكل عزيمة.

اليوم، وبعد عامين من الحصار، لا تزال الفاشر تقاوم، وتثبت للعالم أن إرادة شعبها أقوى من أي قوة إرهابية. المدينة التي انطلقت منها أولى الأصوات المطالبة بحقوق الناس، تعيش اليوم فصلاً جديدًا من فصول التاريخ، وتكتب سطرًا جديدًا في ملاحم البطولة والكرامة. أبناء الفاشر لا يعيشون في عزلة، بل يشكلون جزءاً لا يتجزأ من نسيج الوطن الذي لن يلين مهما اشتدت التحديات.

الفاشر هي صورة حية لكل مدينة في السودان تحدت الطغيان، ورفضت أن تساوم على قيمها، ولها في كل يومٍ قصة جديدة تُحكى عن الصمود والتضحيات التي لا تنتهي. فهذه المدينة، التي صمدت في وجه الحصار الظالم، هي اليوم كما كانت دائماً رمزاً للعراقة، والتاريخ، والقومية السودانية التي لا تموت.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.