كتب احمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
في زمنٍ تتدفق فيه الأكاذيب كأنهار مُسممة، وتغيب فيه الشمس عن عيون الحقيقة، ينهض شعبٌ من ركام الخديعة ليروي بأحرفه دماءَ أبطالٍ نحتوا النصر بإبرة من نور. إنها حكاية لم تُكتب بأقلام المُرتَزقة، بل سُطِّرت بدماء الشهداء وأنفاس الأمهات الحائرات على جباه الأطفال. هنا، حيث يتلاشى الزيف كالسراب، تبرز أسطورةٌ سودانيةٌ تُحاكي ببطولتها ملاحم “جلجامش” و”إلياذة هوميروس”، ملحمةٌ تقول للعالم: إن النصر لا يُسرق، والحق لا يُداس.
لقد كان الجيش السوداني كالطود الشامخ، يُناطح سحب الخيانة بصرخةٍ هزت عروش الجبناء. القائد العام الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، القائد الذي تحوَّل قلبه إلى قلعةٍ من حديد، لم يكن مجرد رجلٍ يقود معركة، بل كان أسطورةً تُرعب الأعداء. محاصراً في قلب العاصمة، كأنه “شمشون” المُقيد الذي ينتظر اللحظة التي ينفجر فيها قوةً تُحطم الأغلال. لم تكن “نظرية الحفر بالإبرة” مجرد خطة عسكرية، بل كانت رقصةً مصيريةً بين الموت والحياة، إبرةٌ تخترق جدار الزمن لتنحت اسم السودان في سجل الخالدين.
أيها الموتورون من وهج الحقيقة، اقرؤوا تاريخنا الجديد! لقد انقلب التراب تحت أقدام “الجنجويد” ناراً تلتهم أكاذيبهم، بينما ارتفع الجيش والشعب كجسدٍ واحد، كأنما “النيل” نفسه تحوَّل إلى سيفٍ يُذَبْذِبُ في وجه الظلام. لقد كنَّا ننتقد، نصرخ، نُهشم الأخطاء بيدٍ من نار، لأننا أحببنا هذا الوطن حتى الثمالة. لكن الحرب، يا سادة، هي المِحوَر الذي يفصل بين صدأ الخيانة وصفاء الإيمان.
انظروا إلى السماء! هل ترون النجوم؟ إنها عيون شهدائنا تراقبكم، وتهمس: “ويلٌ لمن يبيع الضمير بقبضةِ تراب”. لقد حاولوا تشتيتنا بصرخاتهم المزيفة، أرادوا أن نحول وجوهنا عن مشهد التئام الجروح بالانتصار. لكن كيف تُعمى العيون عن رؤية جيشٍ يولد من جديد كطائر الفينيق، وكيف تُصم الآذان عن سماع زئير شعبٍ يرفض أن يكون غباراً تحت أحذية الغزاة؟
هذه ليست معركةَ أسلحةٍ فحسب، بل هي معركةُ أرواح. إن صمود أبناء “البرهان” ليس تفصيلاً عابراً، بل هو إشارة البدء لنهضةٍ ستجعل من السودان قصيدةً تُتلى على ألسنة الأحفاد. ولسان حال التاريخ يصرخ: “يا من تختبئون وراء شعارات الحياد، إنكم تُشيِّعون أجسادكم قبل أوانها، فالحياد في ساحة الشرف خيانةٌ تُكتَب بحروف العار”.
اليوم، نرفع الأكف إلى السماء، ليس دعاءاً، بل تحيةً لجيشٍ حوَّل الهزيمةَ المؤقتة إلى فنٍّ للانتصار. لقد علَّمونا أن التكتيك ليس حركة جيوش، بل هو فلسفة صبرٍ تُذيب الجبال. سيأتي يومٌ يتحدث فيه العالم عن “معجزة النيل العسكرية”، وعن شعبٍ لم ينحنِ، حتى عندما سُحقت السماء فوق رأسه.
أما أنتم، يا فراعنة الإعلام الزائف، فاعلموا أنكم تحفرون قبوركم بأظافركم. فالشمس التي تشرق على أبطالنا لن تغيب، والحقيقة التي ننحتها بإبرة الإرادة ستخترق جبينَ كل كذبة. النصرُ قد أطلَّ برأسه، فماذا أعددتم لمواجهة جيشٍ صنع من دمائه درعاً، ومن دموع أمهاته نشيداً؟
السودان يُولد من جديد، فإما أن تكونوا أحراراً في سرب الانتصار، أو تُحكموا على أنفسكم بالانقراض في متاحف الخزي. فاختاروا!