الخبر السوداني

درع السودان… سند الجيش في معركة الوطن

قلم للوطن | أحمد علي عبدالقادر

في خضم الحرب الوطنية التي تخوضها القوات المسلحة السودانية ضد مليشيا التمرد، برزت قوات درع السودان كقوة ضاربة منبثقة من صميم الشعب، تحمل في عروقها دماء التضحية والانتماء. ليست مجرد قوة عسكرية، بل هي رمزٌ للوحدة الوطنية، ولدت من رحم المعاناة لترسم بدماء أبنائها ملحمةً تُخلّد في تاريخ السودان الحديث.
حين زحفت مليشيا الدعم السريع نحو الجزيرة، ظنّت أن الأرض خالية، لكنها اصطدمت بـجدار من نار في معارك “ود مدني” و”الحصاحيصا” و”المناقل”، حيث وقف فرسان الدرع كالجبال، مُسطرين أروع ملاحم الصمود. لم تكن هذه المعارك مجرد اشتباكات عسكرية، بل كانت معركة وجود ضد مشروع تقسيم الوطن. يقول اللواء أبو عاقلة كيكل، قائد قوات درع السودان: “نحن نثق بالله ثم في أنفسنا… وقد بشرنا أهلنا بالانتصار، وقد حدث” .
وفي الخرطوم، القلب النابض الذي أرادته المليشيا رماداً، لعب الدرع دوراً محورياً في استعادة المحاور الاستراتيجية، مستفيداً من خبرة الجيش في القتال المكشوف، بينما استخدمت المليشيا المباني العالية لإخفاء قناصيها . هنا، تحوّل الدرع إلى بندقية الشعب، يقاتل بانضباطٍ نادرٍ وحبٍ للأرض لا يعرف الخوف.
ما يميّز قوات الدرع ليس السلاح وحده، بل الروح التي تحركها. فهي قوة شعبية لم تُنشأ لتمويل صراعاتٍ مستقبلية، بل جاءت برسالةٍ واضحة: “حماية السودان من التمزق”. لم تنتظر مرتباتٍ أو دعماً خارجياً، بل اعتمدت على سواعد أبنائها الذين آمنوا بأن الدفاع عن الوطن واجبٌ لا يُساوم عليه. قدّمت أكثر من 500 شهيداً في الميادين، دون أن تتراجع عن مواقفها .
يقول كيكل: “شاركنا في المعركة لا نرجو مكافأة… وعندما يحل السلام، سنتفرغ لمعركة البناء الوطني” . هذه الروح جعلت الدرع قبلةً لكل محتاج، ووجهةً لكل باحث عن الحق، كما ورد في فيديو منشور على فيسبوك يوثق أدوارهم الأمنية والاجتماعية .
قصة اللواء كيكل، الذي كان قائداً في مليشيا الدعم السريع قبل أن ينشقّ وينضم للجيش، تُلخّص تحوّلاً جوهرياً في الصراع. يقول: “اتضح لنا زيف شعارات المليشيا… فعدنا إلى الصواب” . هذا الانشقاق لم يكن مجرد تغيير موقف، بل كان ضربة استراتيجية أفقدت المليشيا ذراعاً قوياً، وساهم في انهيارها عبر محاور القتال، خاصة في جبل أولياء، الذي وصفه كيكل بـ”قاصمة الظهر” للمليشيا .
بعد الانتصارات، يُطرح سؤالٌ مصيري: ما مصير قوات الدرع؟ الشارع السوداني يطالب بانصهارها في الجيش، لأن “لا كرامة لوطن إلا بجيش واحد”. ويبدو أن هذا التوجه يتوافق مع رؤية قادتها، إذ يؤكد كيكل: “نحن أبناء الوطن تحت إمرة القوات المسلحة… وما يسري على غيرنا يسري علينا”.
هنا، قد يكون الدرع نواةً لـجيشٍ شعبي-مهني جديد، يجمع بين الانضباط العسكري والجينات الثورية للانتماء الوطني، بعيداً عن تمويلات الخارج التي تُفرّق ولا تجمع.
قوات درع السودان علمتنا أن الانتصار لا يُقاس بعدد الأسلحة، بل بعدد القلوب التي تنبض بالوطن. هؤلاء الرجال ، الذين قدموا دماءهم “خالصة لوجه السودان”، هم من كتبوا النصر بحروف من نور. وكان الدرس الأكبر من قوات درع السودان أن الوطن يُبنى بالتضحية لا بالشعارات في قلوب المزارعين والتجار الذين حملوا السلاح حين اضطرتهم الظروف. هكذا يُكتب التاريخ… بالدم لا بالحبر فقط.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.