كتب / محمد ادم جوليت
من نعم الله سبحانه وتعالى على مجتمعاتنا استقرارها وذلك الاستقرار خلق اواصر الحب والتواصل بينها وتلك الطباع توارثتها الأجيال في صورة عادات وتقاليد تحكم أنماط العيش، وتمنح الحياة طابعها الخاص، وتقوم مقام القواعد المجتمعية التي تؤلف بين الناس، وتنظم تفاصيل يومياتهم، وتختصر مسافات التفاهم بينهم.
عندما تنصهر العلاقات تولد مجتمع يحتذى به في كافة الأنشطة، ومابين قريتي (نمله) (والزريبة) علاقات رافقها التاريخ منذ زمن قديم حتئ تبوأت مشارف المجد عبر محطات «العلم، التجارة، الزراعة، » فازدهرت على نواحيها حياة مبهجة تجسدت في تواصل دائم ،خاصةً الزيارات الإجتماعية والدينية المتمثلة في حلقات العلم من الدروس الدينية، والابتعاث لابنائهم بغرض نيل العلوم، وحفظ القران. ومن قديم الزمان ارتبط اسم القريتين مع بعضهم البعض، دائما ماتسمع طرق الزريبة نملة، وذلك الارتباط اطلعت عليه من خلال المقابلة التي أجراها الاستاذ علي حامد( الكرار) مع فضيلة الشيخ (الريح محمد علي) رحمه الله وكان الحديث مستفيض عن تلك العلاقة خاصة مشاركة أهالي نمله في نقل مواد البناء للمسجد وبعض المؤسسات في الزريبة بدوابهم من الجمال…وغيرها، وكذلك خصصة نملة ساحتها للقوافل القادمة والمغادرة من والى والزريبة، وتعد تلك من أعظم الرحلات وماذال اثرها مستمر.
تحمست جداً عندما بدآت احضر لذلك المقال وأكتب عن ديار الأحبة والأهل والأجداد وما لا يلام عليه المرء، الحديث عن دياراً عايشَ كل تفاصيلها، فحين يمسك الكاتب قلمه بصدق، ويكتب فتأكد أن تلك الحروف لامست الدواخل من فواح شذراتها.
ماشهدناه بالأمس من زيارة أبناء الشيخ البرعي إلى مسجد اولاد البرعي بقرية(نملة) يعد إمتداد إلى وقت ليس بالقريب بل هو تجديد للعهد والوعد الذي أسسه الشيخين (محمد وقيع الله والشيخ محمد ادم) طيب الله ثراهم وكان ذلك الوصال منذ العام (1935_1936) حيث كانت حلقت الوصل بينهم قد بنيت على الدين والصحبة و الرحمة وهي مقاييس البشرية والأدب الذي يوحد القلوب وهي باختصار أسمى خصائص الإنسانية التي زرعت حباً بلا منازع بين المنطقتين ومثلت عمقا وجدانيا يعيى عنه الوصف، ومما ذاد ذلك الرابط في عهد الخليفة الشيخ عبد الرحيم البرعي تم إنشأ مسجد في قرية نملة عام 1955 وتولى (الشيخ محمد ادم) أمامتهُ ودرجة العادة الى التواصل اجتماعياً ودينيناً ،ومن حين اللقاء الاول بين الشيخين ومروراً بمن تعاقبوا على خلافة المسجدين بين نملة والزريبة تواتر تلك الزيارة إلى عهد الشيخ (محمد الفاتح الشيخ البرعي) وتلك هي قمة الزهد، قبل الامس الاحد 11/5/2025 كانت ذكرى الزيارة الاجتماعية الدينية حيث حطت أنوار البهجة رحالها، وتعانقت لحظات الوفاء بصفائها، وتضوعت بشائر المحبة بأريجها، في يوم كان فيه الكل مغمور بالفرح والسعادة تخللته عدة برامج حيث السيرة النبوية ومناقشة امور الدين وزواج الخير والبركة، وكذلك تأبين لذكرى روح المؤسسين لهذا التطلع الاجتمعاعي الذي اصبح ارث يتناقل من جيلاً الى جيل وتعد ذكراهم احتفاً بمن صنعوه تجاه المجتمع وغرث للقيم والاخلاق، حقا هناك وجوه لا تبهت في الذاكرة، وأسماء تبقى نابضة بالحياة في تفاصيل المكان، لأنها كانت جزءاً من نسيجه، تتحرك فيه بروحها ،لا نحتفل بذكرى رحيلهم عنا بل نعيد رسم ملامح من وضع اللبنة الاولى لذلك الوصل، ومن كانوا أكثر من مجرد أُناس، وأكثر من مجرد أسماءٍ في سماء مجتمعنا، وبتلك الزيارة تجددت الأفراح، واذدانت القلوب بالسكينة، وظهرت العلاقات الاجتماعية في وهج جديد، يؤكد أن هذه الزيارة ليست مجرد زيارة، بل هو تجديد للصلات، وإعادة ترتيب للأولويات، وفرصة للشكر على نعم المنعم سبحانه وتعالى، وفرحة تمتد الى ابعد من ذلك، هاكذا هي الصلات عندما تجتمع المحطات والذكريات والمناسبات، فإن المشهد، لا شك، يبدو مبهرا، وملخصه اللحمة الاجتماعية فقط ليس، هناك مكان للجاه ولا للسلطة وانما اخوة في الله جمعتهم المحبة والدين وتلك جسدها الواقع واصبحت ثوابت بينهم. ولعل المتابع لتلك الزيارات قد يرى التطور الذي يطرا في كل سنة من اللمسات الجميلة من قبل المنظمين، والاحتفاء برموز المجتمع وتكريم لكل الذين يسعون لصلاح المجتمع ولبث الروح ورفعتها دراجات حتى يتاسى ممن كان يجاورهم وينهل منهم ،التحتية وحدها، لا تكفي لمجتمعنا الراقي المتحضر بل ندعوا الله سرا وعلانية بان يدم ذلك الارث ونسال الله التوفيق لكم جميعا، الشكر كل الشكر لمجتمعنا بصفة عامة والى اسرة الشيخين الشيخ (محمد وقيع الله البرعي) متمثلة في حضورهم جميعاً وكذلك اسرة الشيخ (محمد ادم) متمثلة في الشيخ (فضل محمد ادم )على مابذلوه في تلك الزيارة انه الوفاء بعينه، ويعد الوفاء قيمة لها وزنها ووقعها على المشاعر الإنسانية وتبقى النفس مضيئة طوال مراحل عمر الإنسان.
لنا عودة ان شاء الله لتفاصيل تلك الزيارة في أمان الله