كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
في مشهد يُشبه عودة الفرسان من قلب المعركة، أطلت القيادات الإيرانية البارزة من قلب طهران ومن مواقع الجبهة، لتدحض بأسلوب حيّ وملموس ما روجت له الماكينة الإسرائيلية من أوهام حول “ضرب الرأس” في هرم القيادة الإيرانية. ظهرت وجوه طالما شكّلت أعمدة القرار الأمني والعسكري والسياسي في البلاد، كأنها تقول: “الموت لا يسكننا، بل يسكن في وهم خصومنا.”
تل أبيب كانت قد أطلقت، في ذروة التصعيد الأخير، حملة إعلامية ونفسية مركّزة، زعمت فيها تصفية عدد من كبار القادة الإيرانيين، في محاولة لخلق صورة مفادها أن “رأس الثعبان قد قُطع”، لكن الأيام كانت كفيلة بكشف الأكاذيب، وفضح المسرحيات الإعلامية المصنوعة على عجل.
🔹 الأدميرال علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى للشؤون السياسية، ظهر في لقاء رسمي بالعاصمة طهران، مبتسماً كعادته، واثق الخطى، نافياً بصمته مزاعم اغتياله. حضوره كان كمن يردّ على العدو بمقولة نيتشه: “ما لا يقتلني، يزيدني قوة.”
🔹 العميد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، ألقى خطاباً ناريًّا في مراسم عسكرية، متحدّثاً بلغة الصراع المستمر، قائلاً: “المواجهة لم تنتهِ بعد، وأيدينا لا تزال على الزناد.” خطابه ذكّر الإيرانيين والعالم بأن الرجال لا يغيبون بل يختفون ليستعدوا للعودة بأقوى مما كانوا.
🔹 الفريق عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، ظهر يتجوّل بين المواقع العسكرية جنوب إيران، مطمئناً الجنود وموجّهاً الرسائل عبر الصورة، بأن من يزعم استهدافه إنما يعيش في “غيبوبة النصر الوهمي”.
🔹 اللواء عزيز ناصر زاده، وزير الدفاع الإيراني، تحدث في مقابلة رسمية بثقة قائلاً: “إيران دخلت مرحلة جديدة من التوازن الاستراتيجي، أثبتنا قدرتنا على الردع والردّ.” كأنه يردد الحكمة القديمة: “من أراد السلام، فليتهيأ للحرب.”
هذا الحضور المكثف والمتزامن لهؤلاء القادة ليس مجرد صدفة إعلامية، بل هو ردّ استراتيجي مدروس على ما وصفته طهران بـ”الحرب النفسية” التي حاولت من خلالها إسرائيل زرع الشكوك داخل الصف الإيراني، وكسر المعنويات من الداخل.
لكن وكما قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إذا هبت أمرًا فقع فيه، فإن شدة توقّيه أعظم مما تخاف منه.”… هكذا فعلت إيران، اقتحمت روايات خصومها، لا بالتكذيب اللفظي، بل بإحياء القادة من بين صفحات الشائعات.
في النهاية، من يعرف مدرسة طهران يدرك أن رجالها لا يرحلون بصمت، بل يعودون بعنفوان. هم ليسوا ضحايا الأكاذيب، بل صانعو التحولات.
وما بين ضجيج الأكاذيب وصمت الظهور، انتصرت الحقيقة مرة أخرى… على مرأى العالم.