حين تتحول غرفة العمليات إلى مسرح جريمة.. الإمارات تقتل كابتن جميل بدم بارد!
كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
جريمة طبية على الهواء مباشرة.. من يوقف عبث المستشفيات وإعلام “البروباغندا” في الإمارات؟
في مشهد يجمع بين التهور الطبي والتباهي الإعلامي المفرط، شهدت دولة الإمارات وتحديداً إمارة الشارقة، واقعة صادمة قلّ أن تجد لها مثيلًا في تاريخ الطب الحديث، حين تحوّل مريض سوداني، لاعب سابق في نادي الهلال العريق، إلى “فأر تجارب” في مستشفى القاسمي، في عملية وُصفت بأنها الأولى من نوعها في الدولة، نقلها تلفزيون دبي بكل بجاحة، مباشرة على الهواء، وكأنها عرض مسرحي لا مريض في غرفة العمليات يعاني على طاولة مشرحة.
العملية: طموح طبي أم مغامرة متهورة؟
المريض دفع الله حاج سعيد (الشهير بكابتن جميل) ، رجل ستيني يعاني من أمراض مزمنة: السكري، ارتفاع الضغط، وتاريخ في التدخين، دخل إلى مستشفى القاسمي وهو يعلم خطورة وضعه، ولكنّه لم يعلم أنه سيكون ضحية “تجريب غير أخلاقي” في عملية معقّدة وخطيرة لإصلاح تمدد كيسي في الشريان الأورطي الصدري الهابط بحجم 7 سم.
العملية، بحسب التقرير الطبي الرسمي الصادر عن المستشفى، أجريت بتقنية TEVAR متزامنة مع تحويلة للشريان السباتي وتحت الترقوة، وهي عملية بالغة التعقيد تُجرى فقط في المراكز العالمية المتخصصة وبتحضيرات مكثفة، لا في بيئة يستعرض فيها الإعلام الإماراتي إنجازًا طبّياً لم يُثبت بعد نجاحه.
النتيجة: دماغ ميت وجسد يُحتضر
ما الذي حدث بعد العملية؟ رغم ادّعاء نجاحها، دخل المريض في غيبوبة، واستمرت حالته في التدهور حتى أظهرت فحوصات الدماغ لاحقًا إصابته بسكتة دماغية حادة، وذمة دماغية، واستسقاء، وانسداد في البطين الرابع، وهي علامات على موت دماغي تدريجي. ومع ذلك، ظلّ المستشفى يقدّم تقاريره بـ”ثقة علمية مزعومة”، وكأن شيئًا لم يحدث.
الإعلام الإماراتي.. حين يتحول المريض إلى مادة دعائية
الأدهى من الجريمة الطبية، هو السماح – بل الدعوة – لقناة دبي الرسمية بالدخول إلى غرفة العمليات ونقل المشهد على الهواء مباشرة، في تعدٍ فاضح على حق المريض في الخصوصية، والكرامة، والحماية من الاستغلال الإعلامي.
المذيعة، بكل ما في الأمر من وقاحة مهنية، ظهرت وهي تمجّد الفريق الطبي الإماراتي وتزفّ للعالم “نجاحاً” مُلفّقاً، دون أدنى اعتبار للنتائج الكارثية التي لحقت بالمريض، ودون حتى إشارة إلى أية موافقة مسبقة موثقة لبث مشهد حرج بهذه الصورة.
أين الدين؟ أين الأخلاق؟ أين الإنسانية؟
هل أصبح الجسد السوداني رخيصاً إلى هذا الحد؟ هل يُعقل أن تُجرى أول عملية خطيرة على الهواء مباشرة دون تجربة كافية أو تحضير علمي مكثف؟ أين المعايير الأخلاقية والطبية؟ وأين الرقابة القانونية في دولة تُفاخر بتقدمها بينما تسمح بتحويل غرفة العمليات إلى استوديو دعائي؟
رسالة إلى العالم: هذا ليس إنجازًا، بل وصمة عار على جبين الطب والإعلام الإماراتي. هو اعتداء على الجسد السوداني، على حق المريض في العلاج الآمن، على أخلاقيات المهنة، وعلى المبادئ الإسلامية والإنسانية التي تدّعي الإمارات احترامها.
اليوم، نحن لا نتحدث عن مضاعفات متوقعة أو خطأ طبي عابر، بل عن عملية نُفّذت رغم العلم المسبق بخطورتها العالية، وتم بثها بغطرسة إعلامية مريضة، دون مراعاة لأدنى درجات الإنسانية.
وبعد كل الوثائق الطبية التي حصلنا عليها من داخل الإمارات و بعض الشهود على هذه الجريمة الطبية مكتملة الأركان، نطالب بتحقيق دولي ومساءلة شاملة:
نطالب بلجنة طبية مستقلة دولية للتحقيق في العملية.
نطالب نقابة الأطباء السودانية ووزارة الخارجية السودانية بالتحرك الفوري.
نطالب بإيقاف الفريق الطبي المسؤول عن هذه الجريمة ومحاسبة الإعلام الذي باركها وضلّل الرأي العام.
ختامًا…
هذه ليست مجرد قضية طبية، بل جريمة أخلاقية مكتملة الأركان. فحين يتحوّل المريض إلى حقل تجارب، وتتحوّل غرفة العمليات إلى منصة استعراض على الهواء، فإنّنا أمام واقع مقلق لا بد من التصدي له. اليوم دفع الله هو الضحية، وغدًا قد يكون ابنك أو أبيك أو أنت نفسك.
فلنرفع الصوت عالياً، ولنقل للعالم أجمع: كفى استهتاراً بأرواحنا.
لكن، وسط هذه المأساة والجرم الطبي الموثق، أين صوت أسرته؟ ولماذا نادي بحجم الهلال السوداني، يغيب عن الرد؟ وكيف للمجتمع السوداني والصحافة أن تصمت عن هذه الجريمة؟ هل السكوت جزء من التواطؤ؟ أم أن الحقيقة أكبر من أن تُقال؟