كتب / أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
انتهى عهد الخجل والتردّد. السودان، بكلّ ربوعه وسهوله وجباله، ليس مِلْكَ قِلّةٍ أو نخبةٍ تصوغ تعريف القوميّة على مقاس الخرطوم وحدها. ومن لا يَعنيه أنين كردفان فليتوارَ عن مشهد وطنٍ يُعيد رسم حدوده بالدم والتضحيات.
اليوم أرفع سوطي، سوط “العنج” الصارم، في وجه بعض أنصار الجيش على المنصّات الرقميّة. هؤلاء الذين ما إن تردّدت أنباء تحرير الخرطوم حتى انشغلوا بالنكات ونزوات الرفاهية، كأنّ الحرب وضعت أوزارها وكردفان تنعم بالسلام. لم يلتفتوا إلى أنّ المليشيا ما زالت تعيث في كردفان و أرض النوبة والجبال فسـادًا، وأنّ أهلنا هناك يرزحون تحت وطأة حصارٍ وقصفٍ وترويعٍ يوميّ.
نحن مع الجيش السوداني… جيش الوطن، لا جيش الأقاليم. حربنا لم—و لن—تنتهِ عند أسوار العاصمة، بل تمتد إلى آخر بقعةٍ يتهدّدها الرصاص. سنظل نكتب ونوثّق ونفضح، حتى وإن انصرف غيرُنا إلى قصص الحبّ وأفلام الرسوم المتحركة. ولْيبقَ من أراد في ضحكاته القصيرة؛ فـنيرانُ المعركة لا تشفق على المتخاذلين.
في ليلةٍ يشتعل فيها الألم ويُسحق الصبر تحت أقدام الغدر، يرفع أبناء كردفان أصواتهم عاليةً كالرعد: “كفى نفاقًا، كفى تجاهلًا!” فبينما كان أنصار الجيش في السوشيال ميديا يغرقون في نكات الرفاهية ومواضيع الترف، كانت كردفان تُذبح بصمت. أين الصرخات التي تهز الضمائر؟ أين المنشورات التي تُحرك المشاعر؟ أم أن الحرب – في أعين البعض – مجرد معارك الخرطوم، وبعدها يعود “السودان” إلى برجه الآمن؟
نقولها بقوة: نحن لسنا أرقامًا في حساباتٍ تنتظر الإعجابات، ولا دماءً رخيصةً تُسكب في صمت. كردفان التي دافعت عن كل شبر في هذا الوطن، لن تنتظر تعاطف المُتخاذلين. نحن أبناء الأرض التي تُخرِج الأبطال من رحم المعاناة، ونحن من سنُذيق الجنجويد وكل من وقف معهم طعم التراب المر. لا نريد دعمًا منقوصًا، ولا ولاءً جغرافيًا. الجيش الذي نؤازره هو جيش السودان كل السودان، لا جيش المناطق المُختارة!
وإلى أولئك الذين اختزلوا الوطن في مسافة “بين الدويم وبحري”، نقول: اتركوا النكات لقنوات الأطفال، واخلعوا قناعاتكم الضيقة!فالسودان ينزف في كردفان، وفي دارفور، وفي كل مكانٍ تُهان فيه كرامة الإنسان. أما إذا كنتم تُفضلون الغفوة في براحتكم، فاعلموا أننا هنا.. سنُوقظكم بزئير المعركة، وسنكتب التاريخ بدماء الأبطال، لا بحبر المُتفرجين.
عاشت كردفان.. عصيَّةً كالجبال، أبيَّةً كالنسور!
وعاش السودان.. كل السودان، لا بعضه!
زمنُ الصمت ولى… فالسودان ليس إقطاعيّةً لأحد