الخبر السوداني

دار الريح.. أرض بلا مليشيات وسجل ناصع في زمن الاحتراب

كتب / مزمل محمد

في زمنٍ تشظّت فيه الجغرافيا السودانية بين بنادق المليشيات وصراعات المصالح، تظل مكونات دار الريح (الجوامعة، دار حامد، شويحات، وغيرهم) نموذجًا فريدًا لمجتمعٍ اختار طريق السلم والتآخي على دروب العنف والتمرد.

فمنذ نشأة هذه المكونات في هذه البقعة المباركة من شمال كردفان، لم تُسجّل ضدهم حادثة تمرد واحدة، ولا تُعرف عنهم محاولات لتكوين مليشيات، بل اللافت أنهم ظلّوا خارج دائرة التسليح الأهلي، حتى أن بعض مناطقهم تخلو تمامًا من أي وجود أمني رسمي، بما في ذلك الحاميات العسكرية أو أقسام الشرطة.

ورغم هذا الفراغ الأمني، فإن مجتمع دار الريح لم يكن في حاجة إلى “حامٍ مسلّح”، فقد تكفّل الوعي الجمعي، وأعراف السلم الأهلي، وسماحة الطباع بحفظ النسيج الداخلي، وفضّ النزاعات بكل حكمة وتواد.

إنّ الاندماج الاجتماعي والتداخل الأسري بين مكونات دار الريح يجعل من الصعب تصنيف الناس فيها بحسب الانتماء القبلي، فالجميع يعيشون بروح واحدة وهوية موحدة، تظهر في تمثيلهم العالي في صفوف القوات المسلحة، ولكنهم هناك ليسوا بأجندات قبلية، بل كجنود للوطن، يضعون السودان أولًا.

ما يحدث الآن، من استهداف ممنهج لأرض بارا ومحيطها، ليس سوى بلاء عظيم، ولكنه بلاءٌ يكشف عن جوهر معدن هذه المكونات: السمحة، الصلبة، العفيفة. فالسلم الذي اتُّخذ نهجًا لم يكن عن ضعف، بل عن أصالة، والردّ لا يأتي عبر التمليش، بل عبر دعم الجيش الوطني الذي نُراهن عليه.

ولذلك فإنّ النداء اليوم إلى قواتنا المسلحة أن تُسرع أكثر وأكثر في تطهير بارا والمناطق المستهدفة، فثقتنا فيها لا تعرف الحدود، وسنظل نردد:

جيش واحد.. شعب واحد

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.