كتب/ أحمد علي عبدالقادر
متابعات الخبــــر الســــــوداني
المزيد من المشاركات
قرار البرهان بتأسيس بورصة للذهب داخل السودان بدل الاعتماد على التصدير المباشر خطوة تحمل أبعاد سياسية واقتصادية معقدة، رغم تأخرها كثيرا ويمكن قراءتها على النحو التالي:
أولاً: القراءة السياسية
- إحكام السيطرة على الموارد الاستراتيجية
الذهب هو أكبر مصدر للعملة الصعبة في السودان، ووجوده تحت إدارة بورصة وطنية يقلل من تهريبه أو بيعه خارج الأطر الرسمية، خاصة أن جزءًا كبيرًا منه كان يذهب عبر شبكات غير شرعية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع وحلفائها الإقليميين كالامارات. - توجيه رسالة للداخل والخارج
داخليًا: خطوة لإظهار أن الحكومة تسيطر على موارد الدولة وتعيدها لخدمة المواطن، وهو عنصر مهم في الحرب الإعلامية والسياسية الحالية.
خارجيًا: رسالة إلى الأسواق العالمية، خاصة دبي، أن السودان يريد أن يصبح لاعبًا مستقلًا في تسعير الذهب، لا مجرد مورد خام. - ضغط غير مباشر على أطراف إقليمية
الإمارات (وسوق دبي تحديدًا) تعتمد بشكل كبير على الذهب السوداني كمصدر رخيص وعالي النقاء. إذا تم تقليل الكميات المصدّرة أو رفع السعر، فهذا سيضعف ربحية شبكات تجارة الذهب هناك.
ثانيًا: القراءة الاقتصادية - فوائد على الاقتصاد السوداني
زيادة القيمة المضافة: عبر بيع الذهب محليًا للمصانع والمستثمرين أو حتى إعادة تصديره بعد معالجته من خلال البورصة، ما يرفع الأرباح.
تقليل التهريب: وجود سعر تنافسي محلي يقلل من دوافع التهريب.
تحسين الاحتياطي النقدي: الدولة يمكنها شراء جزء من الذهب للاحتياطي أو بيعه في أوقات مواتية لرفع الإيرادات. - التحديات
الثقة في النظام: نجاح البورصة يحتاج إلى شفافية عالية، وإلا ستعود الأسواق الموازية للظهور.
القدرة على المنافسة: الأسعار العالمية مرجع مهم، وإذا كان السعر المحلي أقل بشكل مبالغ فيه، قد يفقد المنتجون الحافز لبيعه داخليًا. - التأثير على سوق دبي
انخفاض تدفق الذهب السوداني إلى دبي يعني:
ارتفاع أسعار الذهب الخام هناك لاضطرارهم للاستيراد من دول أخرى.
خسارة أحد أهم مصادر الذهب منخفض التكلفة وعالي الجودة.
على المدى الطويل قد تضطر دبي للتفاوض مع الخرطوم بشروط أكثر عدالة أو تقديم حوافز لإعادة تصدير الذهب عبرها.
خلاصة الأمر:
سياسيًا: الخطوة تعزز سيادة السودان على موارده وتوجه ضربة لشبكات تهريب الذهب التي كانت تتغذى على الفوضى.
اقتصاديًا: إذا أُديرت باحتراف وشفافية، يمكن أن ترفع دخل الدولة وتضع السودان في موقع لاعب إقليمي مؤثر في سوق الذهب.
إقليميًا: سوق دبي سيكون المتأثر الأكبر، خاصة أن السودان من أهم مصادر الذهب الخام لها، وقد يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل مسار تجارة الذهب في المنطقة.