متابعات الخبــــر الســــــوداني
في مدينة تبوك، كانت ممرضة سودانية تقضي ليلتها بين أصوات الأجهزة وصفير التنبيهات في قسم حديثي الولادة. لم تكن مجرد ممرضة، بل كانت أمًا لأربع بنات، تحمل قلبًا أكبر من ساعات عملها الطويلة. تلك الليلة، وجدت نفسها وحيدة أمام ثلاثة أطفال في حالة حرجة. فعلت ما بوسعها، لكن القدر كان له كلمة أخرى، إذ تعرض أحد الأطفال لمضاعفات خطيرة أدت إلى رفع قضية ضدها.
القضاء حكم عليها بمبلغ ضخم: ٨٠٠ ألف ريال! مبلغ يفوق الخيال، ويستحيل أن تتحمله وحدها أو حتى زملاؤها في المستشفى. للحظة بدا أن حياتها ومستقبل بناتها على وشك الانهيار.
لكن… هنا حدثت المعجزة.
في أقل من ٢٤ ساعة فقط، انتشر الخبر بين أبناء السودان، ثم عبر الحدود ليصل إلى قلوب من شعوب أخرى. لم تكن المسألة قضية قانونية فحسب، بل قضية إنسانية. من كل مكان، بدأت المساهمات تتدفق. البعض تبرع بمبالغ كبيرة، وآخرون اكتفوا بمشاركة المنشورات، لكنهم جميعًا كانوا جزءًا من اللوحة.
وبينما كانت الممرضة تغرق في الخوف من الغد، كانت قوافل الخير تُطفئ نارها في الحاضر. المبلغ اكتمل، لم يبقَ دين ولا سجن، بل بقيت قصة عنوانها: “عندما يغيب العدل، تحضر الإنسانية.”
ذلك الموقف لم يكن مجرد إنقاذ لممرضة، بل كان شهادة حيّة على أن الشعب السوداني لا يعرف التردد عندما يناديه الواجب. كانوا كالسيل، لا يعترف بحدود أو جوازات، بل بقلوب صافية ترى أن مساعدة إنسان واحد هي انتصار للجميع.
اليوم، ونحن نحكي القصة، نفخر لا فقط بما دُفع من مال، بل بما أُثبت للعالم: أن النخوة السودانية ليست شعارًا، بل فعلًا يكتب بالدموع والضحكات.