السودان.. نار الحرب ومصالح الجبارين: رقصة الإمارات ومصر على حبال الجغرافيا
كتب / أحمد علي عبدالقادر
تُلهب ألسنة النيران جسد السودان المُنهك، بينما تتصاعد في الخفاء أصوات صراع جيوسياسي يُعيد تشكيل خريطة التحالفات. على حافة الهاوية، تتراقص مصر والإمارات في رقصة معقدة؛ كلتاهما تحمل شعلة مصالحها، لكن نيران السودان قد تُذيب التحالف التقليدي بين عملاقين عربيين.
القاهرة.. حارس النيل الذي يرتجف على عرشه
لا ترى مصر في السودان مجرد جارٍ جنوبي، بل خط دفاعها الأول عن “شريان الحياة”. دعم الجيش السوداني ليس خياراً دبلوماسياً، بل غريزة بقاء. فمن أعماق التاريخ، تهمس الجغرافيا في أذن القاهرة: “انهيار السودان يعني زلزالاً يهز أركان أمنك من البحر الأحمر إلى منبع النيل”. هنا، تتحول المؤسسة العسكرية السودانية إلى حصنٍ مقدس، وحارسٍ للحدود التي قد تتحول إلى جمر تحت أقدام الميليشيات.
أبوظبي.. تنين الاقتصاد الذي يخترق الحدود
بينما تشدّ مصر أحزمة الأمن القومي، تطلق الإمارات أجنحة الاقتصاد. الذهب السوداني، وموانئ البحر الأحمر، وأراضي الزراعة الواعدة – كلها قطع شطرنج على رقعة تمتد إلى القرن الأفريقي. حميدتي و مليشيا الدعم السريع ليسوا مجرد حلفاء عسكريين، بل مفاتيح لمخازن الذهب وطرق التجارة. هنا تُعيد أبوظبي تعريف التحالفات: ليست بالولاءات التقليدية، بل بمعادلات الربح والخسارة.
البحر الأحمر.. ساحة المعركة الخفية
تحت أمواج هذا البحر التاريخي، تتصادم أحلام القوتين:
- مصر ترى مرآة أمنها في كل موجة، فالممر المائي شريان قناة السويس الذي ينبض بالدولارات.
- الإمارات تحوّل السواحل إلى قلعة لوجستية، حيث الاستثمارات تُعلن عن ميلاد إمبراطورية تجارية جديدة.
صراع أم باليه دبلوماسي؟
الخلاف هنا ليس انفجاراً، بل زلزالاً صامتاً: - مصر تُمسك بمطرقة الدولة المركزية، تضرب بها كل محاولات التفتيت.
- الإمارات تلعب بورقة “الواقعية المرنة”، تتعامل مع كل الأطياف طالما تُفتح الأبواب المغلقة “اسرائيل و روسيا نموذجاً” .
السؤال الذي يُطارحه الليل للنهار:
هل تستطيع القاهرة وأبوظبي إخماد نار التنافس بأمواج المصالح المشتركة؟ أم أن شظايا السودان ستخترق التحالف العربي، لترسم خريطة جديدة تُعيد تعريف مَن يملك مفاتيح القرن الأفريقي؟
اللعبة أكبر و لن تتوقف عند دماء السودان، إنها اختبارٌ لمستقبل التحالفات العربية في عصرٍ لم يعد فيه حلفاء دائمون، بل مصالح متشابكة كأفعى البحر الأحمر. السودان اليوم ليس مجرد ساحة حرب، بل مرآة تعكس هشاشة التحالفات أمام إغراءات النفوذ. فهل تُكتب نهاية هذه المأساة بدمٍ عربي جديد، أم بدهاءٍ يستحضر حكمة التاريخ؟