الخبر السوداني

تصريحات مناوي..

حديث المدينة | عثمان ميرغني

متابعات الخبــــر الســــــوداني

السيد مني أركو مناوي.. حاكم اقليم دارفور أدلى بتصريحات غاية في الخطورة من حيث الموضوع والتوقيت.. أمس الأول أمام لقاء بمدينة بورتسودان ضم الادارات الأهلية قال (مسؤولون كبار يعتقدون أن تحرير الجزيرة والخرطوم يكفيان لحكم السودان).. ثم كرر قصة كان رواها قل عامين تقريبا في الأشهر الأولى بعد اندلاع الحرب، عن اتصال ورده من سفير دولة عظمى يتلمس رأيه حول تقسيم السودان إلى ثلاث دول.. وحدد السفير حدود الدول الوليدة.
هذه التصريحات من الرجل الأبرز في ملف دارفور.. تأتي في وقت تئن الفاشر وتصرخ تحت وطاة أقسى كارثة انسانية .. يعاني السكان الجوع والمرض و الحصار الجائر الذي يقترب من اكمال سنته الثانية.
وداخل المدينة تدافع بشراسة الفرقة السادسة للجيش السوداني والقوة المشتركة و المستنفرين الذين ضربوا أمثلة نادرة للفداء والبطولة والشجاعة في مواجهة 225 هجوما ضاريا حتى الآن.. كلها تكسرت كما قال الشاعر :
رماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى
فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ
فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ
تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ.

مناوي يستخدم الأثير الجماهيري لمخاطبة قيادة الدولة التي يفترض أنه جزء منها.. ويستطيع أن يلتقيها صباح مساء.. ويناجيها بكل ما يراه ويسمع منها.
و هذا المسلك لا يعني سوى أن اليأس بلغ به مرحلة الخروج إلى العلن بخطابات السر.. لتصبح أزمة مركبة.. انفراط حبل الثقة على المستوى القيادي الأعلى بين مجلس السيادة و حركات دارفور بالتحديد مجموعة مناوي و إلى حد ما مجموعة جبريل أيضا.. علاوة على المخاطر بتهديد وحدة القواعد الشعبية، خاصة المتأثرة مباشرة بالأزمة التي تحدث عنها.
اتهامات مناوي بأن البعض اكتفى بتحرير ولايات الوسط.. و لا يرغب في مواصلة استرداد بقية أجزاء الوطن الجريح، قد لا يتسق مع المجهود الخارق الذي يبذله الجيش في الفاشر ليصد عنها كل المحاولات المصرة على اسقاطها.. ولا ينسجم مع البطولات التي سطرتها الفرقة 22 في بابنوسة بولاية غرب كردفان ولا تزال.. ولا حتى المعارك الضارية في سهول كردفان الكبرى الممتدة على مسافات واسعة لم تتوقف فيها قعقعة السنان حتى الأمس.
صحيح أن الايقاع العسكري أقل كثيرا من نفس هذه الأيام العام الماضي في سهول ومدن الجزيرة حتى تكلل النصر بدخول القصر الجمهوري.. لكن من الصعوبة أن يشرح الجيش على الهواء تقديراته ومبرراته وخططه.. وقد يكون مناسبا للسيد مناوي أن يدير حوارا شفافا خلف الغرف المغلقة في كل ما هو مصنف تحت طائلة “سري للغاية”.
و مع ذلك طالما أن التصريحات بلغت آذان الشعب، فإن خطورتها الحقيقية في التغافل عنها.. أو الاستخفاف بها.. فالأسئلة الحتمية يجدر أن تجد إجابة صريحة.. اليوم وليس غدا.
هل صحيح هناك نوايا أو خطة تفصل مصير دارفور عن بقية السودان؟
هل خارطة الطريق التي قدمها السودان إلى الأمم المتحدة مطلع هذا العام استبطنت تلميحا بامكانية المساومة بما تبقى من السودان؟
السؤالان لا يحتملان غير اجابة صريحة قوية بـ”لا”.. وبأعلى صوت.
خطاب قوي وشفاف يطمئن الشعب السوداني بأن وحدة أراضيه لن تكون ثمنا لأي حل مفترض أو متوقع.
وسيظل الهتاف الشهير مرفوعا.. (كل البلد دارفور..).

حديث_المدينة الأحد 3 أغسطس 2025

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.